حلقة الإنتقال المؤقت
فى ظل إنقسام سياسى لمؤسسات الدولة، وفى ظل الحروب القائمة تحت مسميات عديدة فمنها الحرب على الإرهاب أو التطرف أو الحرب الأهلية بين بعض الفصائل، أو الدينية لبعض الجماعات، أو الحرب على منابع النفط ومدخرات المال كما يحدث هذا فى الهلال النفطى، مما أثر بطبيعة الحال سلبا فى تحديد السقف الحقيقى لقرارات سياسية وقراءات منهجية ، وإستقرار لميزانيات الدولة الليبية، كما أثر بشكل آخر على إتلاف مؤسسات ضخمة وبنية حقيقية أساسية لصناعة النفط والإستثمارات الليبية والتى تعتبر العمود الفقرى الوحيد تقريبا وتحديدا لايرادات الدولة الليبية ومستقبل الأجيال الصاعدة ومدخرات ومقدرات ليبيا مستقبلاً.
بدأ الخلل بداية ثورة السابع عشر من فبراير، وبدأت ملامحه تظهر فى آراء مراهقين سياسيين أو مؤدلجين لهم رؤية بعيدة عن الوطن، وظهر ت شعارات تدعو الى الرجوع الى الملكية بشقيها فيدراليا ودستوريا أو بمعنى المناصرين لدستورنا فى عام 1951، أو المعدل فى عام 1963، الإ أن دعاة هذا التيار لم يكونوا موفقين بطرحه ، أو عارفين به، بل وصل الأمر الى تصنيفهم طالبى سلطة وحكم ومناصب وكراسى رغم حقهم الشرعى والقانونى والمجتمعى. الأدهى أن التيار الإسلامى بكافة طوائفه متمثلاً فى جماعة الإخوان المسلمين والتيارات الجهادية المصنفة لكل التيارات الاخرى بأنها تيارات مارقة عن شرع الله وكتابه قابل هذه الدعوات بكل صرامة وأطر منظمة مما أدى الى إعتبار من دعى اليه هو داعياً لإنقسام الدولة الليبية، ووصل الحال الى تصنيفهم بالعداء التام الشامل للحمة الوطن وكتاب الله وشرعه.
تمخض الجمل فولد فأراً ، وأصر من هم وراء تنظيم الدولة ومؤسساتها على تعطيل الدستور الليبى المجمد والمعطل منذ عام 1969، لينتقوا إعلاناً دستورياً هزيلاً بديلاً ، خص به الخاصة العامة، رغم معارضة قلة حكيمة ، والذى أدخلنا الى ظلمة الحلقات الإنتقالية، وعدم تحديد الوجهة الحقيقية للسياسة الليبية ونوع حكمها تحت شعار ديمقراطى ” بأن هذا يقرره الشعب الليبى”.
ولد الإعلان ( الغير ) الدستورى ، حيث لم يتم الإستفتاء الشعبى على إبقاء الدستور الشرعى من عدمه، مما تسبب فى أدخل كل الليبيين ودولتهم فى خصام وتفرقة ومصير غير واضح، لنتلقى مراحل إنتقالية غير مؤسسة تأسيساً نقياً بل بنيت لإرضاء تلك الطائفة التى رأت بأن إعلانها الدستورى المؤقت سيكون جالب الخير لمصالحهم الشخصية بعيد كل البعد عن المصلحة العليا للشعب الليبى.
من مجلس إنتقالى الى مؤتمر وطنى للوصول الى مجلس نواب ، وننتظر المزيد من الدوائر المؤقتة والتى تسببت فى ضياع القرار والسيادة الوطنية بل ساهمت ولا زالت سببا رئيساً فى إنشقاقات سياسية وإقتصادية وإجتماعية كبرى ليصل بنا الحال الحديث الآن عن إنفصال ليبيا الى دويلات صغرى كحل لإزمات متواصلة لم يكن الشعب طرفاً بها ولم يؤيد مرادها فى الأغلب.
مفترق طرق، وزاوية ضيقة ، ومنزلقات وعرة ، وحوارات مؤدلجة ، وتدخلات خارجية أفرزها الصراع الداخلى ، ومصالح كبرى معطلة ، وإستراتيجيات تطفو على سطح منافع غربية لشواطىء ليبيا وموقعها المتعارض بين مصالح الأوربيين أنفسهم، مشاريع عملاقة فى الوسط الليبى وصولاً الى الجنوب ومنه الى أفريقيا، خلق شرخات أمنية وإقتصادية وعسكرية بين أبناء الوطن ، الإعترافات المزدوجة لكيانات الدولة ومؤسساتها ودعم خارجى مزدوج لاضرام النيران، الكثير والكثير يلفنا.
وفى ظل هذه الموجة الغاضبة لا يستفيق من على رؤؤس الأشهاد بأن الحدث جلل، بل نجد بأن مسئولينا لا يزالون يتحدثون عن فترة إنتقالية أخرى غير محددة الملامح، من غير بوصلة ورؤية ، بل لإشباع المحاصصة المناطقية، وإشباع الارادة الخارجية.
ما وددت طرحه، بأن المراحل الإنتقالية هى مجرد فشل متواصل لحكومات تنفيذية متعاقبة لن تصل بنا الى بر أمان، بل ستكون مدعاة الى شق الصفوف، وضياع الحقوق، وخسارة المال ، وإهدار الوقت. إننى أدعو الى وضع لبنة جديدة لإنتخابات ( متأخرة ) أى الآن .
للحديث باقية.
بقلم : محسن ونيس القذافي