مقالات

تحدي الهجرة غير الشرعية في منطقة البحر الابيض المتوسط

بقلم / يوسف الفارسي

تعرف الهجرة غير الشرعية أو الهجرة السرية بأنها إنتقال فرد أو جماعة من مكان إلى أخر بطرق سرية مخالفة لقانون الهجرة كما هو متعارف عليه دوليا.

فالهجرة كظاهرة عابرة للأقاليم تشكل رهانا أجتماعيا فالشمال ينظر إلى العلاقة مع الجنوب على أنها علاقة تترجم بأزمة حول مسألة أندماج المهاجرين والذي يولد أزمة تعدد الثقافات أما الجنوب فينظر للعلاقة على أنها تعبر عن التوتر الناجم عن موجة التحديث على الطراز الغربي فالتحدي الاساسي في هذه القضية يأخذ طابع الهوية وإلتقاء الثقافات.

تفاقمت في منطقة المتوسط مشكلة الهجرة من الجنوب نحو الشمال خاصة من منطقة شمال إفريقيا ودول الساحل الإفريقي الفقيرة وأوروبا ترفض استقبال مزيد من المهاجرين غير المؤهلين وذلك لما يرافق هذه الظاهرة من تهديد لأمن منطقة المتوسط والأمن داخل القارة الأوروبية.

تعتبر منطقة المغرب العربي منطقة عبور رئيسية للمهاجرين الأفارقة الى اوروبا وتشكل الصحراء الجزائرية عبور الافارقة خاصة من مالي النيجر التشاد ولم تقتصر الهجرة السرية على الافارقة فقد شملت ايضا مواطنيين مغاربة بدرجة كبيرة إذ تشير الأرقام أن هناك نحو نصف مليون مهاجر غير شرعي يدخل أوروبا سويا أغلبهم من المغرب العربي. تعود أسباب هذه الهجرة إلى أسباب سياسية منها نظم الحكم الديكتاتورية وأسباب أقتصادية على رأسها أرتفاع مستوى البطالة وأجتماعية منها أرتفاع معدلات الزيادة السكانية بشكل لايتناسب مع معدلات النمو الأقتصادي. لعل أسباب الإحساس بأن المهاجرين مصدر فوضى ولا إستقرار في الدول الأوروبية هي البطالة وكثرة عدد العاطلين من المهاجرين في أوروبا ومنافستهم لمواطني الإتحاد الأوروبي في سوق العمل وشيوع البطالة بين المهاجرين من جنوب المتوسط اظهر نوع خطير من التهديدات كالتجارة المخدرات غسيل الأموال والجريمة المنظمة لذا صنفت الهجرة كإحدى المشاكل العليا التي تواجه أعضاء حلف الأطلسي في القرن الواحد والعشرين فالهجرة قضية سياسية حاسمة في أوروبا وأولت الدول الاوروبية اهمية كبيرة لظاهرة الهجرة وذلك من خلال إدراجها في جميع سياساتها في المنطقة المتوسطية وربطها بمسائل الأمن والاستقرار في المنطقة.

تسعى الدول الاوروبية المتوسطية الى إشراك باقي الدول الاعضاء في الحلف في هاجسها الأمني المتمثل في الهجرة غير الشرعية والاستفادة أكثر من خبرة الحلف لإدارة ومكافحة هذا التهديد وربطها بالمخاطر التي يركز عليها الحلف كثيرا في المفهوم الاستراتيجي الجديد كالإرهاب وأنتشار أسلحة الدمار الشامل وبناء على ذلك أتخذ الحلف إستراتيجية جديدة لأحتواء الهجرة غير الشرعية في مؤتمر بروكسيل ديسمبر 2004 تنص على مواجهة موجات الهجرة للقارة الأوروبية كأولوية بأعتبارها تهديدا لأمن الدول الأوروبية الأعضاء يعادل تهديد الإرهاب ومحاولة إمتلاك أسلحة الدمار الشامل.

  • تم نشره بمركز الدراسات السياسية لشؤون الشرق الأوسط مقره الولايات المتحدة الامريكية

* أستاذ العلوم السياسية جامعة عمر المختار فرع درنة وباحث متخصص في شؤون الأمن القومي والاقليمي في منطقة غرب المتوسط

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق