مقالات

من كوبا .. الى المنكوبة !

من كوبا .. الى المنكوبة !

بقلم: د. فريدة الحجاجي

وصلوا في الايام القليلة الماضية وكان عددهم يفوق الخمسين
نزلوا من سلم الطائرة والكمامات تغطي وجوههم وايديهم تحمل علم بلادهم وصورة لزعيمهم الراحل تلاحقهم عدسات المصورين والصحافيين وكاميرات القنوات الفضائية
انه الوفد الطبي الذي قررت الحكومة الكوبية ارساله لايطاليا لمساعدتها في محنتها مع الوباء الذي يقوم كل يوم بنقل مئات الايطاليين للعالم الآخر ،،
نعم .. هذه المرة جاؤوا من كوبا !
الجزيرة الشيوعية الواقعة في البحر الكاريبي على بُعد مسافة 270 كيلومتر فقط من فلوريدا موطن الأثرياء في امريكا الرأسمالية ، والتي حكمها الزعيم الثوري فيدل كاسترو بقبضة من حديد لمدة نصف قرن كانت خلالها ساحة لصراع حامي الوطيس في الحرب الباردة بين امريكا والاتحاد السوفيتي قبل تفككه ،،
بلد فقير عانى من حصار اقتصادي ومالي أمريكي من سنة 1962 ومع هذا يتمتع مواطنيه بنظام رعاية صحية شاملة (مجاني) بمواصفات قياسية عالمية باعتراف منظمة الصحة العالمية نفسها ولديه أعلى نسبة أطباء بالنسبة لعدد السكان
اول جامعة اقيمت في هافانا العاصمة كانت في سنة 1728 وحالياً نسبة المتعلمين في كوبا تصل الى 98% امّا نسبة الأمية عندهم فهي ضئيلة جداً
شعب فقير ولكنه سعيد ومحب للحياة يغني ويرقص في الشوراع ويحب الالوان الصارخة وارتداء الملابس الضيقة اللي تبرز تضاريس الجسد .. ويصنّع في أغلى سيجار في العالم !
عندهم شواطىء ساحرة وطبيعة خلّابة “متفجّرة” وموسيقى غنية جداً تُعتبر – مع فن الجداريات – من اكثر الوسائل التي تعبّر على الثقافة الكوبية
زرتها مرتين كانت أولها منذ اثنين وعشرين سنة سافرتُ حينها على متن أول رحلة جوية تغادر كندا في اتجاه العاصمة هافانا مع بدايات انهاء الحصار وكررت الزيارة بعدها بسنوات قليلة وأتمنى العودة اليها من جديد !
كان كاسترو في ذلك الوقت لايزال رئيس الدولة وهو صاحب المقولة الشهيرة : (نحن نرسل للعالم أطباء وليس قنابل) والتي اصبحت شعاراً لخطة سياسية وُضعت لخدمة كوبا دبلوماسياً واقتصادياً سُمّيت سياسة (المعاطف البيضاء) ،،
كوبا كانت ومازالت تبعث في أطباءها الى المناطق الفقيرة والنائية في جميع انحاء العالم لمكافحة امراض خطيرة مثل الايبولا والكوليرا والأوبئة التي تأتي مع الأعاصير .. والان اصبحت ترسل فيهم للدول المتقدمة لمكافحة وباء الكورونا
لاعب كرة القدم العالمي الشهير (مارادونا) عندما غرق في ادمان الكوكايين ، وجد العلاج في مستشفيات كوبا بعد ما فشلت مراكز العلاج في الدول الغربية في انقاذه !
حالياً يوجد اكثر من 45 ألف طبيب كوبي حول العالم موزعين على حوالي سبعين بلداً من ضمنها السعودية وقطر وموريتانيا ، بينما في الجزائر هم متواجدون من بداية سنوات الاستقلال ، ومؤخراً وُقّعت اتفاقية بين البلدين (النفط مقابل الاطباء) .. الجزائر تعطي الوقود وكوبا ترسل الاطباء ،،

هل تنقذ كوبا العالم من وباء (كورونا) مثلما قامت بانقاذ اللاعب (مارادونا) ؟

– نقلا صفحة الكاتبة على موقع التواصل الاجتماعي الفيس بوك.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق