
أرفع رأسك يا أخي
بقلم: الصديق بودوارة
أرفع راسك يا أخي .. فالكورونا لن تتجرأ عليك . لأن الفيروسات كائنات ذكية والأذكياء عادةً لا يفضلون دخول المعارك الخاسرة . ارفع رأسك يا أخي .. فأنت مصاب منذ ألف سنة أو يزيد .. ربما أنت مصاب منذ معلقات الفحول ومنذ غرام عنترة الميؤوس منه في عبلة ومنذ تبجح عمرو بن أبي كلثوم ورومانسيات المجنون وبلادة ليلى وهي تستقبل معجزات قصائده بصمت الجواري . ارفع رأسك يا أخي .. فالكورورنا هُزمت منذ يومين في الصين .. هناك .. حيث لا مطبات قدت من اسمنت مسلح .. ولا أطفال يقودون علب الحديد الجهنمية ولا تأخر مرتبات ولا نقص سيولة ولا غياب كهرباء ولا سيارات تركض في الشوارع بلا أرقام ولا مال حرام تخلص من عقدة الذنب فصار أصحابه يتباهون به في وضح النهار ويتقربون به إلى الحوريات في جنة الخلد . ارفع رأسك يا أخي .. لقد هُزمت الكورورنا وولت الدبر .. هناك ..في الصين حيث يعملون 24 ساعة في 24 ساعة وحيث لا يتوقفون عن الابداع رسماً ونقشاً وصناعةً وأدباً تخجل منه قلة الأدب . فارفع رأسك المليء تبجحاً وكذباً وقصائد شعر منافقة فالكورونا لم تجرؤ على اجتياز حدودك تلك التي يجتازها المهربون والسفلة وأنذال الطالع الحسن . ويضرب في أرجاءها المبعوثون الأمميون من مطلع الشمس إلى طلوع الروح . تلك التي لا يموت فيها أحد لأن الجميع موتى لكن المقابر لم تعد تتسع . ارفع رأسك يا أخي .. ها هي الكورورنا تتجرأ على الدنيا كلها .. تقفز من سور الصين العظيم وتعتلي برج بيزا المائل وتصرخ كذئب شرس من فوق برج إيفل الذي لم يمل بعد وتغلق ملاعب الدوري الانجليزي وتحرم لاعبي برشلونة من تقبيل ميسي عندما يسجل لهم الأهداف وتقفل مصانع الأدوية في ألمانيا .. وترسم الرعب على وجوه الجميلات في الدانمرك . لكنها تقف عاجزةً ككلبٍ عجوز أمام وطنك . ثم تتراجع مترنحةً من رائحة الفساد وضجيج الخلاف وبذاءة الأخلاق في الزمن الرديء . ارفع رأسك الآن يا أخي .. فآخر من يهتم بالكورورنا .. هم نحن . وآخر من تهتم بهم الكورورنا .. هم نحن أيضاً .