تقارير

النفايات الطبية ..حلول مؤقتة وسط خطر دائم

تواجه وزارة الصحة تحديات كبيرة لوضع خطط آمنة للتخلص من النفايات الطبية وفق المعاير والمقاييس العالمية وتبعاً لتوصيات منظمة الصحة العالمية وتعليمات الهيئة العامة للبيئة ومكتب الإصحاح البيئي الداعية إلى اعتماد طريقة الفرم والتعقيم.

وتعتمد المرافق الطبية بمختلف مسمياتها العامة والخاصة منها، على تكليف شركات خاصة للتخلص من النفايات الطبية، وفق عقود تختلف بنودها بحسب اشتراطات كل مرفق والتي تنتهي بالحرق، وتخضع تلك الشركات لمتابعة دورية من قبل مكاتب مكافحة العدوى التابعة للمرافق الطبية .

وتابعت وكالة الأنباء الليبية عبر مراسلها، طرق التخلص من النفايات الطبية في مركز بنغازي الطبي ومستشفى طب وجراحة الأطفال ومركز الأمراض السارية، والتي خلصت إلى فرزها من قبل شركة نظافة خاصة ووضعها في أكياس بلاستيكية تختلف ألوانها بحسب نوع النفايات، عدا عن إلزام الشركة بتوفير صناديق خاصة بالنفايات الحادة “Sharp Box” .

وفي جولة قامت بها عدسة الوكالة داخل قسم أمراض الجلدية التابع لمستشفى الجمهورية في مقره المؤقت داخل البرج الثالث في مركز بنغازي الطبي، التقطت خلالها لجوء القسم إلى استخدام قنانيّ مياه الشرب عبوة 6 لترات”بانقات” لرمي النفايات الحادة “الأبر” وغيرها .

وقال مدير مكتب مكافحة العدوى في مركز الأمراض السارية بنغازي، طبيب أحمد الأوجلي، أنه يقع داخل المركز محرقة، أوقف العمل بها منذ فترة طويلة وهي حالياً عاطلة .

وأضاف الأوجلي :” نظام حرق النفايات بات مرفوضاً نظراً لما ينتج عنها من انبعاثات قد تشكل خطراً آخر، وهو ما أوصت به منظمة العالمية ودعت إلى استخدام طرق أخرى آمنة” .

مكتب الإصحاح البيئي التابع لوزارة الحكم المحلي، حذر أيضاً من استخدام المحارق والتي أشارت بأن الواقع فرض استخدامها وهو ما يجري حاليًا في مكب النفايات في منطقة قنفوذة، مطالبة باستخدام طريقة الفرم والتعقيم .

ومن جانبه، أكد مدير الشؤون الفنية في مركز بنغازي الطبي، يوسف الربيعي، أن محرقة النفايات لم تفعّل نتيجة للتخوّف من انبعاثات الأبخرة وانتشار العدوى، عدا عن موقعها داخل المركز وقربها من مناطق سكنية .

وأشار الربيعي إلى سعي إدارة الشؤون الفنية في إعادة تشغيل المحرقة وفقاً لمقترح تم تقديمه من اختصاصيين، يتضمن آلية التشغيل بطرق آمنة .

وتحصلت وكالة الأنباء الليبية ضمن سلسلة تحقيقاتها حول طرق التخلص من النفايات الطبية، على رسائل رسمية صادرة عن الهيئة العامة للبيئة بشأن اعتماد طريقة “الفرم والتعقيم” للمخلفات البيولوجية الناتجة عن مزالة المستشفيات لنشاطها وفقاً لقرارها صدر عنها في العام 2015 تحت رقم 428، وأشارت رسالة أخرى مؤرخة في العام 2017، مطالبة الهيئة للمستشفيات والمصحات والعيادات والمراكز الصحية العامة والخاصة بتركيب جهاز الفرم والتعقيم لتفادي انتشار الأمراض .

وتصنّف المخلفات الطبية بحسب رئيس لجنة التخلص من النفايات الطبية وفاء الغرياني، إلى عدة أنواع، منها المخلفات المعدية، وهي المحتوية على جراثيم تسبب أمراض معدية من بكتريا وفيروسات وغيرها من الكائنات الممرضة، والمخلفات الباثولوجية وهي الأعضاء البشرية من بقايا أنسجة وأطراف أدمية، والمخلفات الكيميائية من مشغلات المعامل ومواد التعقيم الخطيرة، والمخلفات الصيدلانية من أدوية وأمصال كذلك تعتبر من المواد عندما تخزن وهي منتهية الصلاحية خطرة، وأخيرا المخلفات المشعة من مواد استخدمت في تشخيص أو علاج الأمراض السرطانية وغيرها .

وقالت الغرياني أن:”كمية إنتاج المخلفات الطبية في العالم، تحسب بما ينتجه المريض الواحد من المخلفات بالسرير الواحد في اليوم الواحد وهذا يختلف باختلاف الدول الصناعية والنامية فيتراوح من 1كجم إلى 7 كجم، وهذا يعتمد على الصرف  على الخدمات الطبية في الدولة، وحسب دراسات ليبية فحجم ما ينتجه المريض الليبي للسرير الواحد في اليوم الواحد قرابة 1.75كجم” .

وأكدت الغرياني أنه” لا توجد إدارة سليمة للمخلفات الطبية على  مستوى الدولة، حيث لا يوجد في القانون الليبي مصطلحات واضحة تشير وتعرف وتنظم هذه الإدارة، الأمر الذي سبّب في معاناة المستشفيات الليبية العامة والخاصة والمراكز الطبية والعيادات وشركات الأدوية من مشكلة المخلفات الطبية، فلا توجد عملية فرز للمخلفات الطبية من مخلفات المستشفيات، أيضا يوجد خلل  كبير وإهمال في جمع ونقل ومعالجة والتخلص النهائي من المخلفات الطبية” .

وأشارت إلى أنه عدداً من المرافق الطبية لازالت تقوم بعملية الحرق العشوائي للمخلفات الطبية في الهواء الطلق في الساحات القريبة أو يتم إلقاؤه في مكبات مفتوحة بدون معالجة أو يتم حرقها بمحارق غير صالحة ولا تتناسب مع كمية وحجم المخلفات المنتجة بذلك المرفق وغيره من التجاوزات التي تسبب بالتالي في الإصابة بالأمراض المعدية مثل السل والتهابات الكبد والرئة والعديد من أمراض الدم الفتاكة التي يصعب حصرها .

وأضافت الغرياني بأن اللجنة قامت بحصر وتصنيف والمطابقة الفنية للمخلفات الطبية والأدوية المنتهية الصلاحية، وتوصلت إلى عدة نقاط منها تقدير حجم الكميات من الأدوية المنتهية الصلاحية بالمرافـق الصحية في كل أنحاء ليبيا حيث بلغت تقريباً(100.000 طن)، والتي تراكمت لعدة سنوات وتحتاج لمعالجة فورية نظرا لخطورتها في تخزينها والتي اضطرت اللجنة الى استلام مخازن من جهات أمنية لتخزينها لفترة مؤقتة لحين إبادتها من الشركة المتعاقد معها، وحجم ما ينتجه المريض من مخلفات في اليوم الواحد، وأيضا مواطن الخلل في إدارة المخلفات الطبية في تلك المرافق .

ودعت رئيس لجنة التخلص من النفايات الطبية، إلى ضرورة أن تكون عملية التخلص النهائي من المخلفات الطبية والأدوية المنتهية الصلاحية المقترحة من قبل الشركات المتخصصة تتماشى مع المعايير البيئية العالمية والمحلية بحيث يتم التخلص من تلك المخلفات الخطرة بدون التسبب بضرر للبيئة والأفراد .

كما دعت الغرياني إلى الابتعاد عن عمليات استخدام الحرق المفتوح في المكبات العامة أو استعمال المحارق للتخلص من الأدوية المنتهية الصلاحية بسبب حجم الأضرار الناتجة عن هذه العمليات لما تنتجه من انبعاثات للأبخرة وتصاعد لغاز الديوكسين والفيوران .

وتابعت:” التخلص النهائي باستعمال المطامر الصحية والتي لها مواصفات خاصة تساهم في حماية البيئة المحيطة والمياه الجوفية وغيرها، والحرص على أن تلتزم الشركة المختصة بتنفيذ المشروع بكافة الشروط والمحاذير البيئية وأيلولة المعدات والآلات المستعملة في المشروع إلى الدولة الليبية عند نهاية العقد” .

آلية التخلص من النفايات الطبية في مستشفى الجلاء ببنغازي

وأفادت مسؤول وحدة الخدمات البيئية في مكتب مكافحة العدوي في مستشفى الجلاء للجراحة والحوادث بنغازي ،عبير بوهديمة، أن التخلص من الأدوية منتهية الصلاحية الموجودة لدينا في المستشفى من اختصاص المخازن الطبية وجهاز الحرس البلدي ومركز الرقابة على الأغذية والأدوية .

بوهديمة قالت – في تصريح لوكالة الأنباء الليبية – إن شركة النظافة المتعاقد معها للعمل داخل مستشفى الجلاء، ينحصر عملها في فرز ونقل المخلفات العضوية والطبية في أكياس تختلف ألوانها وفقا لنوع النفايات، أما النفايات الحادة فترمي في مستوعبات خاصة “sharp box” .

وأشارت إلى أن مخلفات الدم والأعضاء فينحصر عمل شركة النظافة في نقلها من قسم العمليات والعناية إلى الثلاجة فقط، مضيفة بأن مكتب مكافحة العدوى يتابع الشركة فيما يتعلق بآلية تخلصها من النفايات بعدها خروجها من مكب المستشفى .

وأضافت مسؤول وحدة الخدمات البيئية أنه قبل العام 2011 كانت المخلفات الطبية في المستشفى تنقل إلى محرقة في منطقة القوارشة، وفي الوقت الحالي فإن شركة النظافة لدينا تقوم بنقلها إلى محرقة خاصة وفقاً لمستندات تفيد بذلك.

وأكدت أن عمال شركة النظافة وشركة التموين يخضعون لمراقبة من قبل مكتب صحة العاملين في المستشفى، ومكتب مكافحة العدوى من ناحية الملابس الخاصة بهم والنظافة الشخصية والشهادات الصحية .

ونقلت مسؤول وحدة الخدمات البيئية، صعوبة العمل داخل المستشفى وما واجهه العاملين فيه بمختلف تخصصاتهم وجنسياتهم، من اعتداءات وتهديدات من قبل النزلاء خاصة في الفترة المسائية والليلية وهو ما يؤثر سلباً على توفير كامل الخدمات، خلافاً للعمل في الفترة الصباحية فهو أكثر أمناً .

وفيما يتعلق بتوفر محرقة للنفايات خاصة بالمستشفى، أكدت بوهديمة أنه من الصعب تحقيق ذلك، لوقوعه وسط حي السلماني وهو من أكبر الأحياء السكنية في مدينة بنغازي، وهو ما يشكل خطراً كبيراً على الصحة العامة.

وكشفت بوهديمة أنه يوجد داخل المستشفى جهاز خاص  “Autoclave ” يستخدم في تعقيم مخلفات قسم الأحياء الدقيقة التابع لمعمل التحليل، مثل أدوات “Petri dish” المستخدمة في زراعة البكتيريا، وهي لا ترمى مع باقي المخلفات نظراً لخطورتها، حيث يجري تعقيمها دخل جهاز خاص  “Autoclave” ثم توضع في أكياس صفراء وتقوم شركة النظافة بنقلها بشكل آمن .

برنيق – وال

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق