مقالات

الدراسات العليا إلى الهاوية !

بقلم: د. شعبان عوض العبيدي

في سنة 2010 كتبت في مجلة ليبيا المستقبل الالكترونية مقالا تحت عنوان ” الدراسات العليا إلى أين ؟”
واليوم أجيب : الدراسات العليا إلى الهاوية !
وسأذكر بعض الأمثلة المختصرة :
– يطبق في الدراسات العليا اليوم مبدأ ” اطعم البطن اتخجل العين ”
قبل إعلان نتيجة أيِّ مناقشة – وفي أثناء المناقشة – تبدأ المظاهر الاحتفالية ، أكواب القهوة والشاي والعصائر وأنواع الحلويات والمقبلات ، وحضور الأقارب سادة وسيدات وأطفال صغار يصرخون ويعبثون وربما … ! وضحكات تبدأ بابتسامات باهتة ، ودموع بعد إعلان النتائج ، وقبلات هنا وهناك ؛ الأمر الذي جعل قاعات العلم أقل تنظيمًا من أسوإ صالة أفراح سمعتها سيئة ، وفي بعض الجامعات يقوم أهل الباحث أو الباحثة بدعوة إلى وجبة غداء على شرف المناقشين والمشرف .
تحوّلت المناسبات العلمية إلى مناسبات اجتماعية .
– داخل المناقشة – في كثير من الأحيان – تقال ملاحظات تنسف جوهر فكرة الرسالة وتطعن في أمانة الباحث العلمية وتشير إلى غفلة المشرف أو تغافله ، بل إن أحد الأساتذة – وكان يناقش رسالة في قسم اللغة العربية – قال لإحدى الباحثات : لو لقيتك قبل أن تسلِّمي الرسالة لأصلحت لك الكثير ، وكان قد فعلها مع باحثة سابقة حيث استدعاها وأصلح لها الكثير ، فقد تحوّل من مناقش مقوِّم وقاضٍ إلى مصحح .
تستمع إلى مناقشة فتسمع مناقشًا يرفعها إلى عنان السماء بينما المناقش الآخر يهوي بها إلى حضيض الأرض وتعلن النتيجة بدون ملاحظات أو بملاحظات يسيرة وأحيانًا بتوصية بنشر البحث على نفقة الجامعة المسكينة ، والقوانين العلمية واحدة وقاعة البحث تقول شيئًا واحدًا والقوانين الجامعية ولوائحها تقول شيئا واحدا .
في إحدى المناقشات في قسم اللغة العربية كانت المناقشة حامية وكان المشرف يغط في نوم عميق ، وعندما استيقظ – بمحض المصادفة ، والمناقشة لا تزال مستمرة – حاول باستماتة أن يحصل على توقيع المناقشَيْنِ قبل إتمام المناقشة .
– لا تستطيع جامعة بنغازي الآن دفع تكاليف إقامة المناقش الخارجي في فندق ، أو استقباله بسيارة في المطار أو دفع تذكرة السفر، كما كانت تفعل في السابق . فهل سيتولى هذا الأمر الباحث أو المشرف ؟ وفي هذه الحالة : كيف يكون المناقش الخارجي قاضيًا ؟
– إذا ما استثنينا قسم اللغة العربية إلى حدٍّ ما فإن لغة الباحث غالبًا ما تكون رديئة ، مع إنه يلجأ إلى مصحح لغوي . أما لغة المناقشين و المشرف فهي أشبه بلغة المواعيد والمرابيع ( الموضوع هضا إياهي ‘ كيف ما قلنا ، كيف مديما انقولوا كيف ما انعيطو اتز أوكيه ).
– ترفض جامعاتنا – وبإباء منقطع النظير – أن تجعل اللغة العربية ضمن متطلبات درجة الماجستير شأنها في هذا شأن اللغة الإنجليزية ، مع أن جل كليات الجامعات تكتب أبحاثها باللغة العربية ؛ لأن فاقد الشيء لا يعطيه ؛ فمن لا يجيد اللغة العربية لا يسره أن غيره يجب أن يجيدها .
أليست هذه الأمور – وما لم أقله أكثر – تجعلنا نفكر في إعادة النظر في استمرار الدراسات العليا .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق