
قضية العائدين من ليبيا تتفاعل في تونس.. وثلاثة محاور تنتظر «القنابل الموقوتة»
كشفت اللجنة الوطنية لمكافحة الإرهاب في تونس عن ثلاثة محاور في انتظار «الإرهابيين» العائدين من ليبيا، وهي إحالتهم إلى القضاء ثم السجن والرعاية المدروسة بعد خروجهم إلى المجتمع، مؤكدة أن استقبالهم انصياع للقانون الدولي.
ويحتدم النقاش السياسي في تونس مع إعلان السلطات اضطرارها لمعالجة مشكلة عودة المقاتلين في صفوف التنظيمات المسلحة في ليبيا وسورية والعراق، حيث تشير الأرقام الرسمية إلى تسجيل عودة نحو ألف «إرهابي» من بؤر الصراع في الفترة الممتدة بين 2011 وأكتوبر 2018، إلى جانب 17 ألف شخص منعوا من السفر نحو مناطق النزاع للالتحاق بتنظيمات إرهابية.
وعقدت جلسة استماع بالبرلمان التونسي إلى اللجنة الوطنية لمكافحة «الإرهاب» الإثنين، من قبل لجنة الأمن والدفاع (لجنة خاصة).
وقال رئيس اللجنة الوطنية لمكافحة الإرهاب، مختار بن نصر، على هامش الجلسة إن السلطات العليا في تونس اتخذت قرارًا بتسلم «الإرهابيين العائدين» من بؤر النزاع على أن يتكفل القضاء تقرير مصيرهم.
وأكد أن كل عائد من ليبيا أو سورية بطريقة غير قانونية وتم إلقاء القبض عليه أو تسلمته الدولة عبر قنواتها الرسمية، سيحال إلى القضاء لتقرير مصيره عبر إيداعه السجن أو إعادته داخل المجتمع، ويكون محل الإقامة الجبرية أو المراقبة الإدارية.
واستحدثت لجنة تونسية خاصة سنة 2016 توصلت إلى استراتيجية لمكافحة التطرف، تقضي بتطوير قدرات كافة المتدخلين من قضاة وإطارات السجون والإطارات المختصة في مكافحة الإرهاب، ومكونات المجتمع المدني لمواجهة ما يسمى بـ«القنابل الموقوتة».
ويناهز العدد الإجمالي لهؤلاء الإرهابيين المتواجدين في بؤر النزاع حسب بن نصر ثلاثة آلاف إرهابي، قتل البعض منهم أثناء المعارك في سورية وفي العراق، وفرّ آخرون إلى ليبيا ودول أفريقيا بحثًا عن الملاذات الآمنة بدل السجون.
وردًا على أصوات معارضة عودة هؤلاء قالت القاضية نائلة الفقيه، نائب رئيس اللجنة إن قرار استقبالهم ليس خيارًا وإنما التزام دولي، فضلاً عن احترام نص الدستور التونسي على حق كل مواطن في العيش في بلدهم.
وأبرزت الفقيه، خلال جلسة استماع بالبرلمان التونسي أساليب احترازية لمواجهة عودة المقاتلين، بناء على تجارب دول في مسألة التعامل معهم وتتلخص في ثلاثة محاور، أولها تقديم الملفات إلى القضاء ليبت فيها، ثم إعداد برامج داخلية لهم في السجن بهدف حماية المحيطين بهم من خطر الاستقطاب، خاصة من خلال عدم وضعهم مع مساجين الحق العام، وثالثها توفير الإحاطة والرعاية اللاحقة بهم بعد خروجهم من السجن حتى لا يمثلوا خطرًا على المجتمع.
وفضلاً عن قضية العائدين فإن أطفال الإرهابيين اليتامى في ليبيا تبقى صداعًا في رأس الحكومة التونسية، إذ تحصي اللجنة وجود حوالي 86 طفلاً تونسيًا لآباء تورطوا في الإرهاب، وعالقين في مناطق النزاع، مؤكدة أن النسبة الأكبر منهم موجودة في ليبيا والبقية موزعة بين سورية والعراق.
ولفتت القاضية الفقيه إلى أنهم أطفال من نوع خاص، إذ شاهدوا أعمال إرهاب وتقتيل أو حتى تدربوا عليها، وبالتالي يجب التعامل معهم بطرق خاصة والعمل على تطوير قدراتهم وفق تعبيرها، وقد تم إعداد برامج لتأهيل الأطفال الذين ولدوا في مناطق قتال وسيعودون إلى تونس. علمًا بأن السلطات تنتظر استقبال ستة أطفال يتامى من ليبيا في غضون أيام.
ولم تقنع الإجراءات الاحترازية حقوقيين تونسيين طالبوا بوضع أولئك الإرهابيين في سجون خاصة تنشئ خصيصًا لذلك، مع أن المسألة تعترضها عقبة قانونية كونها مخالفة صريحة للدستور، في وقت تبقى الدعوات الملحة لمعرفة أسرار ما كشفته لجنة التحقيق في تسفير مئات التونسيين إلى ليبيا وسورية، بعد أن تم تجنيدهم من قبل جهات محلية وتمويلهم من قبل أجهزة مخابرات دولية.
وكانت محاكمة المتهمين في الاعتداءين الإرهابيين على متحف باردو وفندق امبريال بتونس العام 2015 بداية فبراير الجاري، كشفت تحويل هؤلاء المتورطين الأراضي الليبية إلى مركز للتدرب على استخدام الأسلحة أو منصة لتسفيرهم إلى سورية.