ثقافة وفنون

احمد بشير العيلة يكتب “وادي القطارة”

بقلم: احمد بشير العيلة

وادي القطارة
يضج الآن بالملائكة وهم يدفعون الماء عن البيوت المعلقة في سقف المدينة الأعلى من حافة السماء بقليل
يمتلئ الآن بكثير من الحكايا المندفعات سيلاً من أعلى الرجمة نحو البحر
أبطال الأساطير الآن ينهضون من بيوتهم الأبدية تحت الوادي
يجففون ملابسهم في ريح الكهوف المعلقة كالقناديل الحجرية
ويتعرفون بلهفة على حبات المطر الساقطة واحدةً واحدةً كلٍّ باسمها
إنها الحبات نفسها التي سقطت منذ خمسة ألف عام
يعرفونها واحدةً واحدة
تفرح بهم
فالناس اليوم يظنون كل القطرات سواء.
.
وادي القطارة الآن غاضبٌ مني لأني ضيعتُ خمس شجيراتٍ كُنَّ يركضن فيه كل نهار
غاضبٌ مني لأني لويت ذراع الريح فيه حين اشتد الإسمنتُ عليّ
غاضبٌ مني لأني لم أزره طوال تمدده على الأرض عليلاً من هجران أميرةٍ كانت تلقاه كل صباحٍ
تمسح فمه من الهواء الملوث بالأسماء الكاذبة
وتمسح بطنه بورق السدر
وادي القطارة يفصح لي عن قائمة أسماء من كرهوه
يلقيها في الماء المتجمع خلف السد
يرتفع الماء من الأسماء الملعونة
يقذفها بعيداً عنه ليتطهر منها
الوادي يركض خوفاً من أن تلمسه
وصل لآخر حكمة
قالت له:
لا تركض منها، ابقيها تحت مياهك كي تتطهر
أبقاها
الوادي يسمع صوت الآتين من المستقبل
يركض فيهم
ويناديهم:
هذا الماء غناء الأحياء
وبكاء الأموات
ورحيق الأرض إذا صارت زهراً
الماء صديق الأشعار
في رقته قوة، في القوة سلطان، والسلطان سماءٌ أخرى
لو شئتَ تكنْ خيراً
فاحذر غضب حليمٍ كالماء
واحذر حنق عظيمٍ كالماء
واحذر غيظ كريمٍ كالماء
الماء الآن يشهر في وجه البشر عصاه
يجري في وادي القطارة
يبحثُ عن أملٍ يلقاه
أو ينساه.
.
أحمد بشير العيلة
5/12/2018

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق