مقالات

اعلان وفاة الاتفاق السياسي ومولد الملتقى الوطني

بقلم : د. عبدالسلام عبدالله نصية

تناول السيد الدكتور غسان سلامة في احاطته يوم 8 نوفمبر 2018 امام مجلس الامن الدولي العديد من الجوانب الامنية و الاقتصادية و السياسية والتي يمكن تلخيصها في الاتي:-

الجانب الأمني
تحدث الدكتور غسان عن إنجازاته لإنهاء الحرب التي دارت بالعاصمة وعن البدء في اعداد ترتيبات امنية داخلها تمنع تكرار الهجوم عليها مرة اخرى، وبالرغم من تفاؤله الكبير حول نجاح هذه الترتيبات الا انه لم يستطيع ان يخفي صعوبة ذلك عندما قال “ان الاستقرار بعيد المنال ما دام الليبيون يتنازعون حول الموارد. إيرادات 6 أشهر تزيد على 13 مليار دولار والحقيقة المشينة تفيد بأن ليبيا تعاني من الفقر بشكل متزايد، ويستخدم المجرمون العنف وشبكة المحسوبية لسرقة المليارات من الخزائن الوطنية”.
كما تحدث غسان ولاول مرة عن موضوع طالما كان تحت الكتمان ومسكوت عنه وهو موضوع السجون وقد اوضح بانها اصبحت مؤسسات خاصة ربحية تديرها مجموعات مسلحة تحت غطاء الدولة.

مع حرصنا الدائم وتشجعنا لكل خطوة في اتجاه بناء المؤسسات الأمنية والعسكرية الا اننا لم نرى الخطة الأمنية التي تحدث عنها الدكتور غسان بكل تفاؤل ، وكل ما حدث الى الان هو تدوير للمليشيات والتشكيلات المسلحة وغياب رؤية واضحة لمؤسسات امنية وشرطية مبنية على الحرفية و القانون.

الجانب الاقتصادي
تحدث الدكتور غسان بكل ثقة حول إجرائتهم التي تمت لمعالجة سعر الصرف وأثرها على المواطن فقد ذكر ان الطوابير امام المصارف قل عددها وان كثير من السلع انخفض ثمنها وضرب مثلا بالسكر و المواد الدراسية و السيارات المستعملة وتحدث عن وجود فائض في الميزانية وفي هذا الصدد لا نعلم من اين استقى الدكتور غسان معلوماته عن طوابير المصارف والتي ربما لم يشاهدها لانه باختصار ليس هناك سيولة بالمصارف وبالتالي لا داعي للوقوف في الطوابير خاصة في المدن خارج طرابلس، اما عن الاسعار ربما تكون انخفضت لبعض السلع الذي ذكرها ولكن لم تنخفض بالصورة المتوقعة للسلع الاساسية اما عن فائض الميزانية فقد حدث بسبب زيادة انتاج النفط و ارتفاع أسعاره، ومع ذلك نتمنى حدوث كل ذلك في كل وقت وتحت اي ظروف.

الجانب السياسي
كان الدكتور غسان اكثر وضوحا في احاطته هذه حول وجهة نظره في حل المشكلة الليبية، فمن خلال الاحاطة يتضح ان الدكتور غسان لا يرغب في الاستمرار في الاتفاق السياسي مشروع سلفه ليون ، وانه يرغب في الذهاب الى ملتقي وطني يتم من خلاله الاعداد للانتخابات الرئاسية و البرلمانية ، ومع استمرار الغموض حول هذا الملتقى الا ان الدكتور غسان افصح عن بعض الامور ومنها موعد اللقاء مع بداية العام القادم و الانتخابات في الربيع. وبالرغم من الانتقاد الشديد لمجلس النواب لعدم قدرته على احالة قانون الاستفتاء على مشروع الدستور بعد العديد من الجلسات والوعود الا انه ترك مساحة لتحرك مجلسي النواب والدولة الاخير حول توحيد السلطة التنفيذية لاثبات جدية ذلك .
لم يتحدث الدكتور غسان عن الانقسام المؤسساتي ولم يخبر مجلس الامن بان ليبيا فيها على الأقل حكومتين وان كل المؤسسات منقسمة الى اثنين او ثلاثة وان المواطن الليبي اصبح لا يعلم اي الموسسةً يتجه لها لإتمام عمله وان الفائض المالي بسبب زيادة انتاج النفط اصبح وسيلة لكسب الولاءات واستمرار حالة الانقسام وان كل الإجراءات الأمنية والاقتصادية لن تكون فعالة الا في ظل سلطة تنفيذية موحدة .

في الختام نحن نعتقد ان ما يتجه اليه الدكتور غسان لايتعارض مع مشروع إعادة توحيد السلطة التنفيذية ، فملتقى وطني تحت سلطة تنفيذية واحدة وفي ظل مؤسسات مدنية وامنية وعسكرية واحدة بالتاكيد افضل بكثير من ملتقى في ظل انقسام وصراع سياسي وازمة اقتصادية ، كما يمكن ان يتحول الملتقى الي اداة للاتفاق على مشروع الدستور او القاعدة الدستورية المناسبة للانتخابات وكذلك ضمان حماية الانتخابات وقبول نتائجها. ان تحديد موعد للانتخابات في الربيع القادم على ان يسبقه ملتقى وطني لم تُحدد معالمه بعد ويحتاج الى توافق دولي مفقود الى الان يعد خارطة طريق غير واقعية و هروب للامام و دغدغة لعواطف الناس والتي بكل تاكيد تتطلع للانتخابات وضاقت ذرعا بكل الاجسام التشريعية والتنفيذية القائمة الان. لذا فان توحيد السلطة التنفيذية وتوحيد مؤسسات الدولة واقامة الملتقى لتتويج الدخول للمرحلة الدائمة بكل الليبين هو السبيل المنطقي والواقعي في ظل هذه الظروف التي تمر بها البلاد.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق