ثقافة وفنون

الكدوة .. أول عمل تركي مدبلج للهجة الليبية بين التجربة و الأداء

تحقيق/ منى بن هيبة

يتفق الجميع على أن الدبلجة هي القدرة على تركيب الصوت على الصوت أو الفيديو بشكل تطابقي و ليست مجرد تحريك الألسن بالحروف، و يرى العديد من المخرجين أن الدبلجة تفقد العمل مصداقيته بالإستناد على القاعدة القائلة بأن المؤثرات الصوتية و الأصوات الخارجية غير المدرجة بالنص تبقى كما هي عند دبلحة عمل ما إلى لغة غير اللغة التي خرج بها، حيث كان يظن القائمون على أمر الدبلجة أنها تشمل كل ما هو موجود في العمل، و هذا أدى إلى وجود الكثير من الخلل في النص الدرامي في ربع القرن الماضي، لكن مع ظهور تقنيات أكثر تطورا بداية القرن الحالي كالمونتاج و الهندسة الصوتية و مع تظافر كل هذه الجهود تمكن المخرجين من تفادي حدوث أي خلل، بالإضافة إلى اعتماد الأعمال المدبلجة على ممثلين محترفين قادرين على مطابقة الصوت مع وقت انفتاح و اغلاق شفاه الممثلين الذين أدوا الشخصيات في النسخة الأصلية للعمل فيتقمصون الشخصيات و يجسدون الأدوار بالصوت و التفاعل المطلوب على الشاشة، حيث أصبحت الدبلجة فن له قاعدة جمهور عريضة، و مع ظهور تنافس القنوات العربية على بث المسلسلات المدبلجة و كانت الأردن رائدة في هذا المجال حيث قدمت العديد من أعمال الكارتون و غيرها، ليبيا لم تكن بعيدة عن هذا على الرغم من تأخرها عن بقية الدول العربية فلقد أنتجت هذا العام أول مسلسل تركي مدبلج إلى اللهجة الليبية و الذي تم بثه عبر شاشة 218 في شهر رمضان المنصرم تحت عنوان ( الكدوة).

برنيق التقت بعدد من أهل الفن و المشاركين في هذا العمل و البداية كانت مع الناقد الأردني ناجح حسن: ” أعتقد أن الدبلجة عادة ما يعمل بها عادة في البلدان التي تضم نسبة واسعة من غير القادرين على قراءة الترجمة كالأطفال قبل إلتحاقهم بالدراسة أو الأميين و من هنا يكون الغرض من الدبلجة هو إيصال الأفكار و الصور إلى قطاع عريض من المتلقين بيسر و سهولة، و عمليات الدبلجة في ليبيا فإن هذا يتوخى الهدف ذاته مع إنني أرى أن اللهجة الليبية ستضيف ابعادا جديدة لﻷعمال الدرامية و تجعلها قريبة من ذائقة المتلقي المحلي و بالتالي التفاعل مع العمل واﻹقتراب من مفاهيم خطابه و جمالياته و دلالاته”.

كما حاورنا المذيعة أزاد عبد الباسط حول مشاركتها في هذا العمل و أخبرتنا بأن: ” هذه أول تجاربي سواء في الدبلجة أو التمثيل، و الفكرة بالنسبة لي بدأت عندما عرضت عليا إدارة 218 أن أخوض تجربة جديدة و هي الدوبلاج ولأني تعلمت أبجديات المهنة في هذه المؤسسة التي عودتنا على التحدي واﻹصرار قبلت التجربة وبدأت بإجراء اختبارات صوتية إلي جانب بعض التدريبات على كيفية تقمص الشخصية مع الممثل الشاب واصف الخويلدي و العمل ضم مجموعة من الممثلين وعلى رأسهم واصف الخويلدي وأنور التير و يوسف نوري ولكن بحكم تواجدنا في الاْردن وكثرة الشخصيات القائمين على العمل اختارو تجربة أصوات جديدة تحت إشراف المحنكة في مجال الدوبلاج إيمان هايل، و لقد تنوعت أدوراي مابين اكثر من عمر من شابة إلى سيدة ستينية متعجرفة لا تريد ﻹبنها الزواج من فتاة من عائلة متواضعة باﻹضافة لدور السيدة العجوز التي ذاقت اﻷمرين من زوجة ابنها، و لكل دور منهم مكانة خاصة في حياتي فلقد أحببت الفكرة والعمل و يمكن القول بأنها تجربة لن تؤثر على الدراما الليبية، لأنها لم تؤثر على الدراما السورية وكذلك في تونس فهي لها نسبة متابعين حالها حال أي إنتاج فني”.

شاركنا الحديث حول هذه التجربة أحد المشاركين في أداء أصوات الشخصيات بالعمل و هو الصحفي عبد الوهاب قرينقو:” التمثيل ليس مجالي و كان مجرد تعاون مع قناة 218 التي أعمل فيها كمحرر أخبار – في أول إنتاج ليبي في الدبلجة- والمسلسل، تم دبلجته بإشراف و إنتاج القناة، وشارك في تمثيل الأصوات الليبية محرروا القناة ومذيعيها ومذيعاتها وليس ممثلين باستثناء المذيع يوسف نوري الذي هو في الأصل ممثل مسرح” والفنان واصف الخويلدي من طرابلس والممثل أنور التير من مسرح مصراتة، أما المشاركة الأردنية فكان ضروري منها ليؤدوا أدوار اﻷتراك في القصص المطروحة في السلسلة، في حين أن الليبيين يمثلون أدوار عدد من الليبيين المقيمين في تركيا حسب معاجلة النص الدرامي من قبل الكاتب الليبي منصور بوشناف، و بالنسبة لمشاركتي أديت أدوار شخصية أب ثم شخصية جد ثم شخصية زوج كبير في السن”.

المخرج الأردني الصمادي شاركنا الحوار أيضا و حدثنا عن التجربة الأردنية قائلا:” نعم لقد تهافتت كثير من المحطات العربيه على استقطاب كثير من اﻷعمال غير العربية سواء في الدراما أو الجانب الوثائقي وبعض هذه المحطات لم تعطي للرقابة الموضوعية دورها أو دون إن تنتبه إلى جودة المحتوى من حيث كثير من النواحي سواء الدينية أو الأخلاقية و لا حتى مستوى العمل من الناحية الفنية مما انعكس سلباً على المشاهد وعلى جمهور القناة التي عرضت المسلسل المدبلج أيا كانت، و لكن أنا مع الدوبلاج والترجمة إذا كان العمل كبير ويستحق عناء الدوبلاج، و أريد ان أعرج على نقطة مهمة و هي أن استقطاب بعض الأعمال الدرامية و دبلجتها وبثها جاء بكثير من الأمور التي ربما كان كثير منها غائب أو شبه غائب عن مجتمعاتنا العربية التقليدية المحافظه (و أنا أقصد هنا الأعمال الدرامية خاصة) أما بالنسبة للبرامج الوثائقية أصبحنا نرى أعمال وثائقية كبيرة جدت و مكلفة وبلغة عربية و لقد لاقت متابعات واسعة من المشاهد العربي، و فيما يتعلق بالأردن نعم له ريادة كبيرة في أعمال الدوبلاج على المستوى العربي ويعتبر مركز متقدم للدوبلاج ومنذ مدة طويلة من الزمن و السبب ربما لموقعه المتوسط و كذلك انتشار مؤسسات الإنتاج بكثرو مع وجود تنافس في الجودة إضافة إلى وجود أصوات مميزة وتكلفة نوعا ما منخفضة فضلا عن وجود سبب مهم ساهم في تقدم الاْردن بهذا المجال وهو اللهجة الأردنية المفهومة عند غالبية الوطن العربي”.

للناقد الليبي عز الدين نويرات وجهة نظر تختلف حيث قال: مسلسل الكدوة تجربة جديدة و لكن اختيار العمل لم يكن في محله، و في الحقيقة لم يقنعنى أداء الأصوات المؤدية للشخصيات داخل هذا العمل لأن أكثرهم يتضح عليهم بعدم فهم شخصياتهم و ربما لأن العمل سجل في وقت قصير فالإجتهاد لم يتضح داخل العمل و الدليل لم يحضى بالاستحسان من قبل الجمهور بل رأينا وجهات نظر تختلف على هذا العمل في صفحات التواصل الاجتماعي فيس بوك وكلها تبدى عدم الإعجاب.

و يبقى القول أن هذا العمل خطوة جديدة في عالم الدراما الليبية قد تتكرر و تجد من يتلقفها، و يرسم بها خطا جديدا للتلاقح الثقافي الليبي التركي، و ربما تبقى مجرد تجربة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق