ثقافة وفنونغير مصنف

ايهاب القسطاوي يكتب في ذكرى وفاة “شاعر الثورة” سميح القاسم .. منتصب القامة يبقى

بقلم : ايهاب القسطاوى

تحل اليوم الذكرى الرابعة على رحيل واحد ممن نقشوا أسماءهم بحروف من نار ونور في وجدان العالم العربي بنضاله وكلماته ، فلم يكن مجرد شاعر يغزل الكلمات ليُخرجها في أبهى صورها ومعانيها فحسب، لكنه كان شاعرًا بدرجة ثائر ، هو الفلسطيني “سميح القاسم” هو القائل : “بعينها الكحيلة ، بالشفة البتول ، بالوردة الحمراء فى الجديلة ، حبيبتى ، أميرة الفصول ، تقاوم المدافع الثقيلة” .

سميح القاسم ، الشاعر المقاوم ، وواحدا من أجمل وأنجب من أنجبتهم فلسطين ، قدم العديد من الاشعار الخاصة بالثورة و المقاومة ضد الاحتلال ، و أشهر ما قام به سميح القاسم هو تأسيس “صحيفة كل العرب” وقام برئاستها .

اثرى سميح القاسم الساحة الادبية باكثر من 80 كتاباً، معظمها دواوين شعر ونثر وأعمال مسرحية شهيرة ، وبحسب ابنه فإن القاسم كان يدخن حتى أثناء العلاج ، وحتى حين كان في المستشفى، بل كان يخرج من غرفة العلاج أحيانا ليرافق أحد الأطباء ويدخن معه في الخارج”، على حد تعبيره عن أبيه المقيم في بلدة “الرامة” القريبة في الجليل الأعلى 25 كيلومترا من عكا ، والمعروف عن القاسم ، أنه كتب قصائد معروفة وتغنى في كل العالم العربي، منها قصيدته التي غناها مرسيل خليفة ويغنيها كل أطفال فلسطين، وتغنى في كل مناسبة قومية، وفيها يقول : “منتصب القامة أمشي.. مرفوع الهامة أمشي.. في كفي قصفة زيتون.. وعلى كتفي نعشي، وأنا أمشي وأنا أمشي”، وترجمت الكثير من أعمالة وقصائده إلى اللغات الإنجليزية والفرنسية والتركية والروسية والألمانية واليابانية والإسبانية واليونانية والإيطالية والتشيكية والفيتنامية والفارسية والعبرية واللغات الأخرى لذلك نال جوائز عدة، منها “غاز الشعر” من إسبانيا، وعلى جائزتين من فرنسا، كما على “جائزة البابطين” الشهيرة، وأيضا على جائزة “وسام القدس للثقافة” و”جائزة نجيب محفوظ” من مصر، وعلى “جائزة السلام” و”جائزة الشعر” الفلسطينية.

تقول سيرته إنه مولود في 11 مايو عام 1939 في مدينة الزرقاء الأردنية ، وكان ينتمي لعائلة عربية فلسطينية من قرية الرامة ، فوالده كان يعمل ضابط ضمن قوة حدود شرق الأردن ، وتلقى سميح القاسم تعليمه الاولي بداخل مدارس الرامة و الناصرة ، لينتقل بعد ذلك الى عالم السياسة و بالفعل كان له نشاط سياسي واضح جدا وانضم مبكرا إلى “الحزب الشيوعي” قبل أن يترك الحزب ليتفرغ لعمله الأدبي ، و كان له نشاط واضح و بارز بداخله ، واعتقل مرات عدة في حياته، وفرضت عليه قوات الاحتلال الصهيونية الإقامة الجبرية لمواقفه الوطنية والقومية، وهو شهير بمقاومته للتجنيد الذي فرضه “الكيان الصهيونى” على الطائفة الدرزية التي ينتمي إليها ، ففضل المحارب الأبى السجن على الخدمة فى جيش البغاة ، وأفلت من دنس الامساك بالبندقية الصهيونية ليمتشق بندقية الشعر ويحلق عاليا بروح الشعب المتوثب للحرية والانعتاق ، وهو شهير أيضا بنثريته الشعرية التى فيها يقول: “تقدموا.. تقدموا براجمات حقدكم وناقلات جندكم، فكل سماء فوقكم جهنم.. وكل أرض تحتكم جهنم”، ولكن على الرغم من ذلك لم يتوقف لحظة عن المضى فى دربة ، استمر بها حتى انه تعرض الى الاغتيال اكثر من مره و لم يبالي بذلك ، بل ظل قابض على شعره الذي كان فيه يوصل كفاح الفلسطينين و استشهادهم على ارضهم ، كتب “القاسم” قبل أن يموت محاورا الموت: “أنا لا أحبك يا موت- لكنني لا أخافك – أعلم أني تضيق علي ضفافك – وأعلم أن سريرك جسمي – وروحي لحافك – أنا لا أحبك يا موت – لكنني لا أخافك” ، ليغيب الموت الشاعر الفلسطيني سميح القاسم، عن عمر يناهز “75 عام “بعد صراع مع المرض، وكان ابنه تحدث قبل فترة عن وضع والده الصحي، وأكد حينها أن والده نزيل في مستشفى بمدينة صفد في منطقة الجليل بالشمال الفلسطينى المحتل ، خضع في معظمها للعلاج من احتدام سرطان الكبد عليه، وهو المرض الذي أصابه قبل 3 سنوات ، وكانت صحة “القاسم” تدهورت في الشهر الاخير قبل وفاتة ، من جراء معاناته من المرض الذي كان يعالجه بالكيمياوي، فنقلته عائلته إلى “مستشفى صفد”، حيث أشرف عليه صديقه الذي رافق وضعه الصحي طوال الأعوام الثلاثة الماضية، وهو البروفيسور الفلسطيني جمال زيدان، رئيس قسم السرطان بالمستشفى ، ويبقى لنا ان سميح القاسم لم يمت بل هو باق بسيرته وشعره ومواقفه ، انه حى بيننا يتنفس ويتحرك ويكتب الأشعار ، ويبث فى أجيال الشبيبة روح الثورة وآيات الوطن».

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق