ليبيا – ترويكا رئاسية
بقلم : خالد المجبري
حيث أننا نعيش بالفعل حالة انقسامٍ سياسي حاد الأمر الذي أدّى إلى تعدد الرئاسات والحكومات ، وكلٌ يدّعي الشرعية الشعبية أو جزءا منها فإن حديث الرؤوس الكبار متصدري المشهد السياسي عن دعمهم لإجراء انتخابات رئاسية يبدو في كثير من جوانبه نوعا من الخطاب الشعبوي وذراً للرماد في العيون .
وذلك لأنهم غير واثقين تماما من نتيجة الإنتخابات وأنها سوف تصب في مصلحتهم ، ولهذا فإن الخيار الأمثل بالنسبة لهم هو المحافظة على الوضع القائم الذي لهم فيه نصيب معتبر من السلطة ومن الكعكة .
وحيث لا يبدو أن هناك املٌ قريب في تحقق تقاربٍ سياسي وحتى اجتماعي يجمع أقاليم البلاد ( الثلاثة ) على كلمةٍ سواء ، رغم كل الجهود المشكورة للجان المصالحة ومنظمات المجتمعى المدني ، فدعونا نستذكر هنا ـ ولو نسبيا ـ تجربة جمهورية ( البوسنة والهرسك ) التي شهدت انقساما سياسيا وشعبيا تفاقم جراء حرب أهلية استمرت سنوات .
ولأن كل مكون من مكونات الشعب البوسني لم يرد التسليم لخصومه من المكونات الأخرى ( الدينية والعرقية ) بحقه في السلطة والحكم فقد جرى الإتفاق على اختيار مجلس للرئاسة ذو ثلاثة أقطاب ( ولاحظ هنا أنه ثلاثة أيضا ) ، أو ما يسمونه بالترويكا .
فهل يمكن أن تكون تجربة البوسنة والهرسك مدخلا للحل في ليبيا .؟ أرى أن ذلك ممكن . بل يبدو أننا في حاجة إليه بإلحاح لمرحلةٍ ما .
ولهذا فالمقترح هو : –
يدعى لإجراء انتخابات رئاسية وفق نظام لائحة من ثلاثة ، واحد من إقليم برقة وواحد من إقليم طرابلس وواحد من إقليم فزان ، وهؤلاء الثلاثة يختارون بعضهم البعض ويتوافقون معا على برنامج انتخابي يقدمون به أنفسهم للناخبين ، وتكون مدة الرئاسة ست سنوات يتولى فيها كل واحد منهم منصب الرئاسة لمدة سنتين .
وفي حال تعدد اللوائح يمكن أن تجرى الإنتخابات على مرحلتين اثنتين .
مثل هذا النظام ـ المؤقت ـ يحقق العديد من الأهداف المباشرة وغير المباشرة .
فهو من جانب يخرجنا من حالة الجمود السياسي لأنه يوجد ضمانة عدم اقصاء أي إقليم من السلطة ، ومن جانب آخر فإنه يحقق بقدر أكبر توازنا في التنمية بحسب حاجة كل إقليم ، وكذلك فإنه يحقق ضمنا تقاربا سياسيا بين ألأقطاب في البلاد الأمر الذي من شأنه أن يحقق توافقا قاعديا قويا .
قد يرى البعض أن هذا المقترح قابلٌ للتطبيق ، ويرى فيه آخرون أنه في حاجة إلى تهذيب وتعديل ، ويرى طرف ثالث أنه مجرد سفهٍ ، وفي كل الأحوال وأيا كان الموقف فإننا في حاجة ملحّة لأن تكون لدينا أفكار تنبع من داخلنا ـ وإن كانت تسترشد بتجارب أخرى ـ بدل انتظار أفكار ومقترحات ومشروعات من آخرين ـ وإن كانوا يحملون شارة الأمم المتحدة ـ . على اعتبار أننا جربنا مُدخلاتهم ومخرجاتهم خلال ما مضى من سنوات .