مقالات

ليبيا ومستقبل مجتمع العيش المشترك

بقلم : د. ميلاد الحراثي

ليبيا ومستقبل مجتمع العيش المشترك عنوان قد يكون مثيرا لمن يري في كلمة ليبيا  جزء من كيانه، ولكن في نفس الوقت عنوان هذه المطالعة يناجي من لم يأتيه الوطن، او لم يأتي الي ليبيا الوطن .

وفي هذه الايام العصيبة التي يمر بها عموم الليبيين نحو امكانية تضميد جراح الماضي والحاضر، والعمل علي استدعاء مستقبل اجياله، هناك جولات متبادلة بين من يمتلكون زمام المبادرة والمقدرة، في ليبيا،سوي بقوة النفوذ، أو بالمال، أو بالمليشيات، أو بقوة الانتصار أو الهزيمة، علي تقديم التنازلات المؤلمة، خصوصا بين العاصمة ومناطق الشرق والغرب والجنوب الليبي، وفي القاهرة، وفي السعودية، كلها مؤشرات تدخل في نطاق اهمية التنازلات المؤلمة لصالح الليبيين عموما.

ولكن هناك معوقات لتنفيذ ذلك، ومنها هل رغبة عموم الليبيين تذهب لدي هولاء الي تحقيق حلم مجتمع العيش المشترك لليبيين ،  وفي ظل تراكم الخلافات؟ تلك هي القدرة المفقودة لدي عموم الليبيين!

وهل يعلم هولاء من النخب السياسية أن ليبيا لا يمكن اختزالها في حقبة  زمنية معينة؟ او في نظام سياسي معين؟ او في نخبة محددة؟ أو في ثروات محددة؟ أو في اجندة سياسية محددة ؟ أو في قبيلة محددة؟ تلك الاسئلة لا يمكن لها ان تتعايش مع طموحات عموم الليبيين في التمكين من الحصول علي مجتمع العيش المشترك.

ننبه هولاء ان دورهم التاريخي قد اخطفهُ المبعوث الاممي للامم المتحدة والسفراء الكبارالثلاثة المقيمين في طرابلس، ولاحقا تحاول كل من قطر والسودان  وتركيا، ان تخطف ما يتبقي من فرض الوئام  والعيش المشترك بين الليبيين والهجرة الافريقية في الجنوب الليبي.

ويظل البحث عن صيغة لمجتمع العيش المشترك من اهم ضرورات النخب، والنافذة بمصير الليبيين، وأن كل الصيغ التي جربتها تلك النخب لا فائدة منها، إن لم يغوص هولاء في مفهوم صيغة ” مجتمع العيش المشترك”  وبعقلية حديدية نافذة وقادرة علي تحمل مسؤلياتها ونتائجها، ومن هنا يُصاغ تاريخ لهم، ما عدا ذلك  فهو هرولة نحو السراب.

فعندما يلتقي قادة الجيوش الليبية في القاهرة للاتفاق علي صيغة العيش العسكري المشترك، فهي خطوة نحو ذلك، وعندما يُستقبل  في طرابلس، ٢٠١٨،  ثاني أكبر بلدية في ليبيا، عانت من الوجع والجراح والمفقودين والثكالي والارامل والمقعدين، وبمعيته اطقم حكمانية ومشائخية، وعندما يري الاصلاحيين الماليين علي ضرورة توحيد منظومة رزق العيش لليبيين بين الاقاليم الثلاث، كل ذلك يسير في اتجاه البحث عن ” صيغة للعيش المشترك” لليبيين عموما.

وفي ذات الاتجاه عندما نسمع ان من هم من انصار النظام السابق قد التقوا فوق ارضهم  ليبيا، اسوة ببقية الليبيين،  مجتمعين، مرحبا بهم، نظرا لشراكتهم في هموم الوطن، فهو توجه نحو البحث عن ” صيغة العيش المشترك” .

بهذا كله لا يمكن لليبيا ان تُختزل من أي طرف كان، أو من أي اجندات داخلية أو خارجية والذين دوما يحرثون في البحر، أن تقبل القسمة، ولكن ” صيغة العيش المشترك”  لا تقبل القسمة إلا علي نفسها.

————

الدكتور ميلاد مفتاح الحراثي

أكاديمي ليبي

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق