الحسم العسكري في ليبيا: السهل الممتنع
تزايدت في الفترة الماضية الأصوات المطالبة بضرورة الحسم العسكري في ليبيا كحل لانهاء حالة الانقسام والتشرذم بعد سنوات من الحوار لم تؤدي سوى إلى مزيد تأزيم الأوضاع حيث أصبح في ليبيا ثلاث حكومات عوض حكومتين كانتا تتصارعان على السلطة قبل توقيع إتفاق الصخيرات.
ومع نهاية المدة القانونية للمجلس الرئاسي وحكومة الوفاق الشهر الحالي باتت ليبيا على حافة فراغ سياسي جديد.وخرج عدة نواب ومسؤولين طالبوا بضرورة تحرك الجيش نحو حسم الأوضاع عسكريا بعد فقدان الأمل في التوصل لحل سياسي يرضي جميع الأطراف.وكان النائب بالمجلس الرئاسي علي القطراني أول من نادى بهذا الخيار ليتحق به عدد من النواب وفي مقدمتهم أبوبكر بعيرة.
وكان الناطق الرسمي باسم القيادة العامة للجيش الليبي أحمد المسماري قد صرح في أكثر من مناسبة بأن وجهة الجيش المقبلة ستكون طرابلس لتخليصها من سطوة الميليشيات.لكن مراقبين رجحوا أن يكون كلام المسماري مجرد تصريحات موجهة للاستهلاك الإعلامي. حيث لا يلوح في الأفق أي استعداد لخوض الجيش لهذه المعركة، بما يعني أن الجيش مازال يرجئ معركة طرابلس على الأقل على مستوى المنظور القريب.
ويبدي بعض المراقبين للشأن السياسي الليبي استغرابهم من عدم استفادة الجيش من الأوضاع الدولية وما يحدث في أوروبا وانشغال أغلب الدول الفاعلة في الشأن الليبي بمشاكلها الداخلية. فبريطانيا التي تعتبر اللاعب الأبرز في ليبيا تبدو هذه الفترة منشغلة أكثر من أي وقت مضى في ترتيب إجراءات خروجها من الاتحاد الأوروبي وإعادة ترتيب بيتها الداخلي. أما إيطاليا الداعم الأبرز للمجلس الرئاسي لحكومة الوفاق فقد استقال رئيسها ماتيو رينزي ليحل محله مؤقتا وزير الخارجية باولو جنتيلوني.
كما أن الولايات المتحدة لا تستطيع خلال هذه الفترة وحتى منتصف يناير المقبل اتخاذ أي قرار أو إجراء باعتبار أن إدارة أوباما باتت إدارة تصريف أعمال لا يمكنها اتخاذ قرارات مهمة.
المحلل السياسي الليبي عربي الورفلي، أرجع تباطؤ الجيش في حسم المعركة إلى عدة أمور في مقدمتها تجنب الجيش إراقة الدماء خاصة وأن طرابلس مكتظة بالميلشيات المسلحة، كما أن الغرب لن يقف مكتوف الأيدي وسيدافع عن المجلس الرئاسي المدعوم دوليا. وبحسب الورفلي فإن الجيش مازال لم يحكم سيطرته على الجنوب والوسط حتى يتجه نحو الغرب لأن دخول طرابس سيكون صعبا مادام ظهره مكشوف،على حد قولة.
ورجح الورفلي أن يكون الجيش ينتظر انتفاضة شعبية من داخل طرابلس حتى يكون له مبرر قوي لدخول العاصمة وتخليصها من قبضة المليشيات الجاثمة على المدينة منذ خمس سنوات.
وازدادت في الفترة الأخيرة حدة الجرائم التي تمارسها الجماعات المسلحة لدوافع مختلفة، كان اخرها جريمة قتل راحت ضحيتها سيدة وجدت جثتها ملقاة على الطريق إضافة لجريمة الاغتصاب التي كشفها فيديو مسرب الشهر الماضي والذي أثار موجة استياء عارمة داخل ليبيا وخارجها.وأظهر الفيديو السيدة تتوسل مغتصبيها بإطلاق سراحها لكنهم هددوها بخطف ابنتها في صورة واصلت الصراخ.