تقارير

«الجنوب الليبي»: كثير من الثروة قليل من التنمية

مع الاضطراب الذي يطغى على أداء حكومة السراج بقيت الوعود التي قطعتها على نفسها إبان الاتفاق عليها من بعض القوى الدولية، حبرا على ورق، حيث لم تستطع بسط سيطرتها الأمنية حتى على المناطق المحسوبة عليها فما بالك بالوعود الاقتصادية التي بنى عليها قطاع كبير من الليبيين أمالا كبيرة، فمشاكل نقص السيولة وتفشي الفساد في أغلب الخدمات وانهيار قيمة الدينار بقيت على ما هي عليه بل تعمقت أكثر خاصة فيما يتعلق بمشاكل النقد. ورغم أن إنتاج النفط قد ارتفع في الأشهر الأخير إلى مليون برميل يوميا، لكن وعود حكومة الوفاق بتوزيع عادل على المدن الليبية لم تنفذ وأصبحت أغلب المناطق تحتج على عدم توفر أبسط الاحتياجات وعلى رأسها تشغيل الشباب العاطل أو توفير بنية تحتية تسهل لإنجاز بعض المشاريع.

في بداية شهر يوليو الجاري زار مصطفى صنع الله رئيس المؤسسة الليبية للنفط حقل الشرارة أحد أكبر الحقول الليبية في زيارة تشجيعية للعمال الذين أضربوا في أكثر من مناسبة للتعبير عن عدم رضاهم على ظروف العمل المادية والأمنية حيث عرف الحقل احتجاجات متكررة من سكان المنطقة الذين طالبوا في أكثر من مناسبة بإنصافهم ببعض المشاريع باعتبار أن مناطقهم تعتبر مظلومة ولم تنل حظها من عائدات البترول طوال سنوات.

وخلال الزيارة التقى صنع الله عددا من أعيان المنطقة وشبابها الذين طالبوه بتحقيق الوعود التي تتكرر منذ “الثورة”، وتتمثل في تشغيل أبناء المنطقة في وظائف تحقق لهم جزءا من الإنصاف الذي انتظروه لسنوات. واحتج الكثير من الذي حضروا داخل قاعة للمؤتمرات على أوضاعهم المعيشية ونبهوا رئيس المؤسسة أن صبرهم الذي طالبتهم بها الدولة قد بدأ ينفد وعلى المسؤولين التعجيل بإيجاد حلول للمنطقة خاصة أن الإنتاج ارتفع في الأشهر الأخيرة إلى حوالي 300 ألف برميل يوميا من حقل الشرارة لوحده مما يعدّ مؤشرا على تحسن كبير في الإنتاج.

وبرر صنع الله عدم قدرة الدولة على الإيفاء بوعودها بالاحتجاجات المتكررة داخل الحقول وعمليات السرقة التي طالت الكابلات النحاسية بالعديد من الحقول إضافة إلى أن توقف الحقول على الإنتاج تؤدي إلى تصدؤ الأنابيب مما يفرض عمليات صيانة كبرى لها تكاليفها الباهضة.

وتسببت الإيقافات المتكررة للحقول النفطية في ليبيا بسبب الفوضى الأمنية وانتشار المليشيات في تراجع كبير للإنتاج وصل في بعض الفترات بعد 2011 إلى أقل من 250 ألف برميل مما تسبب في عجز في الموازنة اضطرت الدولة بسببه إلى اللجوء إلى ميزانيات الاحتياط التي نقصت بحوالي 40 بالمئة أو أكثر في بعض الفترات، لكن مع بداية العام الحالي عاد وتيرة الإنتاج للعمل تدريجيا إلى أن بلغت خلال الشهرين الأخيرين أكثر من مليون برميل يوميا ويتوقع إذا هدأت مناطق الإنتاج أن يرتفع في ظرف سنتين إلى قرابة المليوني برميل يوميا.

يذكر أن عديد المناطق تشكو من نقائص كبيرة في مستوى البنية التحتية وإنجاز المشاريع، ورغم أن صنع الله يقوم في كل زيارة لأحد الحقول بتقديم بعض المستلزمات العاجلة اليومية من أسرة أو أفرشة، لكن الأهالي يعتبرونها مسكنات لا تفي بالحاجة وطالبوا بمشاريع أكبر تكون ملجأ لسكان المناطق عند الحاجة. كما دعت بعض مناطق الجنوب القريبة من الشرارة من صنع الله إبلاغ رسالة بأنهم في حاجة إلى فضاءات كبرى ومنتزهات وملاعب كرة قدم من أجل توفير أماكن ترفيه للشباب الذي تتهدده عديد المخاطر بسبب الفراغ الذي يعيشونه.

وتعاني بعض المناطق في الجنوب والشرق منذ سنوات مشاكل في مستوى البنية التحتية والمشاريع المنتجة، ورغم أن أغلب الحكومات التي تعاقبت على ليبيا وعدت بأن تحقق حاجياتهم تدريجيا لكنهم يؤكدون أن أغلبية المسؤولين يقدمون مجرد جمل لتسويق أنفسهم في حين أن التطبيق الفعلي على الأرض غير موجود.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق