بعيدا عن الجهوية والتوجه الشخصى
بقلم : محسن ونيس القذافى
( بعيدا عن الجهوية والتوجه الشخصى )
التكوين – الأساس – صاحب القاعدة
كلها تعنى ( الدستور )
كثر كلام المفوهين والمتسلطين والمؤدلجين والمتشدقين ( الجميع الا ما رحم الله )، على الدستور أو التستور ، وتطاول بعض أعضاء اللجنة بالقول على بعضهم البعض، وكولسة المرابيع ، والتوجه مرة الى مالطا، والآخرى الى عمان، وبينهما مراحل تونسية، ويأتوا الآن للخلط وتشتيت القارئ والباحث والمواطن النزيه وتوجيههم الى أنه شئ قانونى ولا يحق للغير التوغل فيه أو مناقشته لكونه قانون، علما بأن فقهاء الدساتير العلاقات الدولية وأصول ما تم فى العالم من وضع هيكليات كانوا من علماء الإجتماع والمفكرين الأحرار ومن رواد مدارس العلوم السياسية والدبلوماسية والعلاقات الدولية والقانونيين.
أيضاً الصياغات النهائية بكونها صياغات قانونية ولكنها تأتى بعد المراجعة اللغوية وهذا تخصص آخر. فى الوقت ذاته، فإن الدستور يخصص مجالات أوسع من كونه قانونى صرف، بل يتعدى لشئون حياتنا الإقتصادية والثقافية والدينية والإجتماعية والتقنية، وأصر بأن التقنية التى لم تدخل إطلاقاً ضمن مواد مسودة الدستور وهذا للتصحيح أولاً.
الدستور، هو مشاركة كافة الطوائف وفق مفاهيهما المختلفة لخلق كيان نهائى، وهو ما يخلق تواجد قواعد ومبادئ منظمة لسلطة الدولة، وعلاقة الشعب ببعضه البعض أو علاقته بجزء منه، وعلاقة الشعب بغيره من الشعوب، وعلاقة الدولة بدول مجاورة أو بعيدة أو ما يسمى بالعلاقات الدولية الاقليمية والدولية أو العالمية وهى كلمة أكثر إتساعاً. وفى نهاية المطاف فهو علاقة الحاكم بالمحكوم.
أنشئت هذه الدساتير وتسلسلت وتدرجت منذ القدم، بل منذ العصور قبل الميلاد، وكان أفضل من عمل بها وقدمها للعالم الحضارة اليونانية باربع قرون قبل الميلاد. وكان من ضمن أهدافها خلق حماية ومشاركة وتفاعل وتنظيم بين أعضاء وجماعات تتعايش فى بقعة جغرافية تربطهم مصالح ومنافع ومنافسات متنوعة. إذا أصل الدستور للحماية والتوافق والتعاون، لا لجلب الغموض وتركيز الفوضى وفتح الآبواب أمام تأويلات غير محددة الأطر والمعالم، فالدستور ولد ليختصر قواعد منظمة للشئون الداخلية والشئون الخارجية، بمعنى العقد الإجتماعى ، ولو لم نولى إهتماماً لتلك الشئون سيكون لنا دستور ورقى أو سيكون مآله حبر على ورق ومن ثم التحول الى محاولات الفوضى والرفض والدخول فى أحكام عرفية قد تودى بنا الى المزيد من الحروب بل ستكون حروباً أهلية ، وقد توسع أطرها للتتعدى الى حروب خارجية وهذا من الجانب الإجتماعى والسياسى.
أما الجانب الإقتصادى، والذى أهمله وأخلط أوراقه قادة الستين ولم يولوا له الكثير من الوقت لضيق الوقت ( ثلاث سنوات ونيف)، أكاد اجزم بأن العالم أكثر سرعة وديناميكية فى الإنتقال لمصادر الدخل والعمل على الكسب والإستفادة من إقتصادنا، ولن تقف أمامه معرقلات دستورية ( وفق ما تم ذكره بالمسودة )، ومن هنا سيجبرنا العالم إما للخضوع وفوضى الإقتصاد وإستنزاف الموارد، وإما الى العزلة والتهميش ولن نصل الى تنمية مستدامة إقتصادية حقيقية، بل قد يسبب هجران العقول الى دول خارجية.
تختلف أنواع الدساتير العالمية، فمنها الجامد ، ومنها المرن، ومنها المدون، ومنها الغير مدون أو ما يسمى الدستور العرفى، هناك أيضاً الدساتير التفصيلية ومنها دستور الهند والإتحاد السوفيتى ويوغسلافيا ، أو الدساتير المقتضبة أو القصيرة ومنها دستور الكويت، ولم أستطع بعد دراستى لمسودة دستورنا تصنيفاً له.
أيضاً هناك دساتير مؤقتة ( فى حالة الطوارئ كما هو حالنا اليوم ) ، وهناك الدساتير الدائمة وهى تلك الدساتير الغير محددة بوقت، غير أن كل الدساتير تخضع للنقد والتغيير والزيادة والنقصان دون شرط أو قيد ووفق إرادة الشعب أو ما يخوله الدستور من إرادة بعض الكيانات.
يتكون عادة الدستور من عناصر ثلاث رئيسية وهى ( الديباجة ) أو ما يعرف بالمقدمة وهى عبارة عن ملخص توضيحى للتوجه العام وتوضيح الأطر والهياكل المنظمة ( بالطبع لم توضع فى المسودة )، ، أيضاً، العنصر الثانى ، الجزء التنظيمى ( العلاقة بين السلطات ) ، ويحبذ دائماً الفصل بينها، والعنصر الثالث هو الحرية والحقوق ( متضاربة جداً فى صياغتها ومفهومها فى مسودة الدستور). يضيف بعض الفقهاء عنصراً آخر، وهو عنصر التعديلات دون شرط أو قيد ( وهى ما ذكرتها مسودة الدستور واضعة شروط مانعة للمساس بعدد من المواد).
وتأسيساً على ما تم تقديمه ( مسودة الدستور الحالية )، سأكتفى بتقديم بعض النقاط الجوهرية التى من شأنها أن تضع المسودة موضع الشك فى أدائها وفائدتها ومعالجتها ومبادئها ومستقبلها ، دونما الدخول فى كيفية الإجراءات، أو طريقة التصويت ، أو الإتفاق مع اللجنة من عدمه، أو أصل أسباب وجود لجنة لصياغة دستور غير دستورنا السابق، بل علينا أن نعمل وفق الية علمية تستهدف المعالجات وكيفية الخروج الى موطن الامان.
وقبل دخولنا فى دراسة تفصيلية ومناقشة بعضا من مواد المسودة والبالغة 195 مادة، علينا ،
أن نطرح اسئلة، وعليهم أن يوضحوا لنا ،،،
– لماذا لم تطرح اللجنة أو توسع المجال لمدن أخرى تشارك فى أن تكون عاصمة إضافة لطرابلس؟
– لماذا تجاهلت وحذفت والغت اللجنة الستينية ما قرره الليبيون بثورتهم والتفافهم مع الاباء والأجداد فى إقرارهم جميعا بالعلم والنشيد؟
– لماذا لم توضع ديباجة حقيقية شارحة وموضحة منهجية المسودة؟
– لماذا لم يوضع وصف دقيق لشكل الدولة؟
كل هذه الأسئلة وغيرها ستكون دائماً مثار جدل الشارع الليبى، وسندخل الايام القادمة الى تفاصيل دقيقة وشارحة ومفصلة بطريق العقل والعلم ، وذلك لكل أو مجمل ما ذكرته المسودة المحيرة والتى سترسم معالم طريق ليبيا.
تحياتى وتقديرى