مطار الأبرق وتحرير بنغازي وغياب التخطيط الإستراتيجي والتفكير المستقبلي
بقلم : د. محمد زاهي المغيربي
يعكس مستقبل مطار الأبرق وقضايا النازحين في مرحلة ما بعد تحرير بنغازي بشكل جلي غياب التخطيط الإستراتيجي والتفكير المستقبلي لدى السلطات الوطنية والمحلية في “الدولة” الليبية. الآن وقد تحررت بنغازي وأُعيد فتح مطار بنغازي، فماذا أعدت هذه السلطات للتعامل مع هاتين الحالتين؟ وما خططها الفورية والمستقبلية لمطار الأبرق ولحل مشاكل نازحي منطقتي الصابري ووسط البلاد؟
وإذا نظرنا أولا إلى معاناة النازحين فإن منطق التخطيط الإستراتيجي والتفكير المستقبلي يفترض أنه يتعين على السلطات أن تكون جاهزة بخطط وبرامج وسياسات لمعالجة تداعيات انتهاء أوضاع الأزمة، أو ما يُطلق عليه تعبير “اليوم التالي “The day after، ولكن الشواهد والسوابق تشي بغياب التفكير المستقبلي لدي السلطات الليبية ( الوطنية والمحلية)، فمثلما أن هذه السلطات لم تقم بشيء لمساعدة نازحي مناطق القوارشة والليثي وبوعطني والهواري وقنفوذة وبنينا وغيرها من المناطق المحيطة ببنغازي، سواء في ما يتعلق بترميم منازلهم المتضررة أم بتعويضهم عن أملاكهم المدمرة بشكل كامل، فمن المتوقع أن تعجز هذه السلطات عن مد يد العون لسكان الصابري ووسط الالبلاد وذلك لغياب الخطط والبرامج والسياسات النابعة عن تخطيط إستراتيجي وتفكير مستقبلي.
أما قضية مطار الأبرق فلها أبعاد متعددة. لقد كان مطار الأبرق ومدن الساحل والجبل الأخضر الواقعة شرق مدينة بنغازي رئة رئيسة ومهمة تنفست المدينة وأهلها من خلالها وساعدتهم على الصمود لمدة ثلاث سنوات إلى أن تحقق التحرير. التساؤل الملح الآن هو ما وضع مطار الأبرق بعد إعادة فتح مطار بنينا؟ هل محتم عليه أن يعود مطارا محليا فقط، بحيث يتعين على سكان مناطق الجبل الأخضر السفر إلى الخارج عن طريق مطار بنينا؟ ورغم إدراك قلة إمكانات شركات الخطوط الوطنية، فإنه من الضروري الحفاظ على تسيير الحد الأدنى من الرحلات الدولية لهذه الشركات من مطار الأبرق تيسيرا على سكان تلك المناطق ووسيلة للتخفيف من المركزية والتهميش. ولكن الخشية أن يُنسى مطار الأبرق مثلما نُسيت بنغازي بعد انتقال المجلس الوطني الانتقالي إلى طرابلس.
وإذا كانت النقطة السابقة تتعلق بالمعالجة الفورية لوضع مطار الأبرق، فإن البعد الأهم يتعلق بغياب التخطيط الإستراتيجي والتفكير المستقبلي لدي السلطات الليبية. لقد قدمت السنوات الثلاث السابقة فرصة ثمينة للحكومة المؤقتة والسلطات المحلية لتطوير مطار الأبرق بحيث يصبح محطة مهمة لشركات الطيران الوطنية والأجنبية بغض النظر عن وضع مطار بنينا. فمطار الأبرق يقع وسط منطقة غنية باحتمالات سياحة الآثار والسياحة الجبلية والبحرية. وبحسبان أنه يتعين أن يكون تنويع الموارد الاقتصادية أحد أهم السياسات والخطط والبرامج المستقبلية، كان من المفترض أن يصبح الارتقاء بمطار الأبرق، وجعله محطة لاستقبال أفواج القادمين لأغراض السياحة. ولكن غياب التخطيط الإستراتيجي والتفكير المستقبلي أضاع هذه الفرصة مثلما ضاعت غيرها من الفرص على مدى السنوات والعقود الماضية، فنحن بلد مشهور، بصورة سلبية، بالفرص الضائعة على جميع المستويات.