ثقافة وفنون

في رد على المسلسلات التى تسخر من المعلم … احمد يوسف عقيلة يكتب سأضل مدينا طوال حياتي لمعلمي

لم تعجبني المسلسلات التي تسخر من المعلّم.. بل استفزّتني:
سأظلُّ مَديناً طوال حياتِي لمعَلِّمي (عثمان عبدالله عبدالْمجيد المسماري).. فهو أَوَّل من عَلَّمَنِي الأَبْجديّة.. مَنَحَنِي دهشة الكلمات الْمَصْفوفة على الورقة البيضاء.. وعلى الرغم من القَسوة الظاهرة فقد كان ودوداً.. حريصاً على تعليمنا.. لا يَمَلّ إعادة الشَّرْح.. حِيْن قابلته بعد حوالِي أربعيْن عاماً ـــ وقد تقاعد من الوظيفة ـــ كان يمشي مُطْرِقاً.. يُحدِّث نفسه.. وحيداً على الرصيف.. على هامش الشارع.. وعلى هامش الحياة أيضاً.. أَحسستُ برغبة جارفة فِي أن أَحْمله على عنقي إلى الأبد! أحسستُ أيضاً بفداحة وضع الْمُعَلِّم فِي بلادنا.. راتبه قليل.. يعيش على الكَفاف.. ليست له حظوة أو مكانة اجتماعيّة.. حتَّى شيخ القبيلة الأُمِّي أرفع منه مكانة.. نجعل منه مادَّة لنِكاتنا وسخريّتنا.. تُرَى متى نلتفت إلى هذا الْمخلوق الذي يُعَلِّم أمّةً بأكملها.. نَمُرّ عليه جميعاً.. نتجاوزه.. حتَّى الساسة والزُّعماء والجنرالات.. وهو قابع في الفصل.. بجوار السبّورة.. تمتلئ رئتاه بغُبار الطباشِيْر.. لا يَبْرح الفصل إلاّ إلى التقاعد أو القَبْر! وبعد أن يقضي زهرة عُمره في التعليم.. ندَّعي أنَّنا نُكرِّمه.. فنَمْنحه ورقة مُزخرفة.. أو صفيحة معدنيّة.. تحمل اسمه.. أهذا كلُّ شيء؟!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق