تقارير

هجوم مانشستر و تحقيقاته و وثائقه تكشف اللثام عن جيل ليبي جديد محاط بالتطرف في بريطانيا

أكد مركز بحوث العولمة الكندي وجود إرتباطات بين إنتحاري مانشستر سلمان العبيدي والمجاميع المتطرفة في ليبيا التي بدأت بالظهور وفقا للمركز عبر ” الثوار الليبيين ” المدعومين من وزير الخارجية الأميركي الأسبق هيلاري كلينتون.

التقرير الذي تابعته وترجمته صحيفة المرصد أشار إلى أن هؤلاء تحولوا لاحقا إلى تنظيم فجر ليبيا و بعضهم الى تنظيم “داعش” و القاعدة حيث ربط التقرير بين أسرة العبيدي وعلى رأسها الأب رمضان العبيدي الذي فر من ليبيا عام 1993 من الامن الليبي لإيمانه بفكر العناصر الإسلامية المتشددة التي كانت تخطط لإسقاط النظام والتي تغلغلت فى شهر فبراير عام 2011 ببنغازي فيما تماشت آيدولوجية أسرة العبيدي و آخرين ومع قرار إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما ووزير خارجيته هيلاري كلينتون لإسقاط نظام القذافي.

وأضاف التقرير بأن سقوط النظام سهل على رمضان العبيدي العودة إلى ليبيا ليرتبط من جديد برفاق الآيدولوجية القدامي  حيث أتت فكرة قتل الناس في مانشستر من هذه النظرة الجهادية التي تعد جذورها نتيجة مباشرة للتدخل الذي قام به أوباما وكلينتون في ليبيا كاشفا في ذات الوقت وناقلاً عن مسؤول ليبي أمني سابق بأن العبيدي الاب كان في التسعينيات عضو في الجماعة المقاتلة المرتبطة بتنظيم “القاعدة”  .

وأشار المسؤول إلى إرتباطات رمضان العبيدي المكنى بأبي إسماعيل بعد أن تم حل الجماعة بالحركة السلفية الجهادية وهي الأكثر تطرفا ومنها إنبثق تنظيم “القاعدة” وتنظيم “داعش” فيما اكد مقيمين ليبيين فى مانشستر وجود علاقة بين أبو إسماعيل و الجهادي الخطر أبوقتادة الفلسطيني .

خلفيات

و لم يكن رمضان العبيدي لوحده الذي يبدو أنه ساهم فى أدلجة أفراد أسرته ، على الاقل حتى الان  ، حيث برز إسم آخر ليلة الاثنين و هو خالد توفيق نصرات عضو الجماعة الليبية المقاتلة و لاحقاً المجلس الانتقالي بعد إعتقال نجله زهير فى مانشستر على خلفية علاقته بسلمان الانتحاري منفذ هجوم الاثنين الدامي .

كما يبدو أن خالد نصرات بحسب وثائق أمنية و سجلات إطلعت عليها المرصد قد باشر رحلته مع التشدد فى وقت مبكر بعمر يبلغ 24 سنة عندما أصدر الامن الليبي تعميماً بالقبض عليه لممارسته انشطة متطرفة سنة 1989  و هو من مواليد 1965 بالزاوية .

و تظهر ذات الوثيقة ان نصرات الاب فر وقتها الى تونس ثم السعودية فباكستان و أفغانستان و الجزائر و اليمن  قبل ان يستقر به المقام فى بريطانيا و فى باكستان كانت رحلته التدريبية العقائدية قبل ان يتلقى تدريباً فى معسكر الفاروق بافغانستان و ينضم لما عرف بالافغان العرب الذين قاتلو مع حركتي طلبان و القاعدة ضد السوفييت و لاحقاً ضد الامريكيين .

و كان نصرات يكنى بـ ” أبوعبدالرحمن ” و  ” أبو اليقضان ” و فى اعترافات عضو الجماعة المقاتلة عبدالحكيم عماري الذي اعتقل فى طرابلس فقد تبين بأن الاول أنضم سراً للمجاهدين الليبيين فى افغانستان .

و لا يبدو بأن أسرته كانت خارج نطاق إهتمام أجهزة الليبية السابقة التي كانت تتحرى عن زوجة نصرات و أشقائه عبدالمجيد المقيم ببريطانيا و حسام و الاخيران شاركا فى تحويل الاموال له .

العودة الى ليبيا

و بحسب تقارير فأن نصرات الاب عاد الى ليبيا قبل مايو 2011 و شارك رفقة ابنائه بالقتال فى صفوف الثوار الليبيين قبل أن ينضم الى المجلس الانتقالي فى يونيو من ذات العام بحسب وثيقة اخرى اطلعت عليها المرصد .

و الوثيقة هي عبارة عن سيرة بيانات ذاتية قدمها نصرات للمجلس الانتقالي يقول فيها  انه معارض قديم للطاغية كان محكوما بالسجن و هرب و شارك فى ثورة فبراير و بأنه متحصل على دبلومات زراعة و إدارة و شريعة اسلامية كما تشير الى انه عضو نشط فى الجالية الليبية بمانشستر لتوليه قسم النشاط فى نادي ليبي شبابي هناك .

و بحسب قرار صادر عن مجلس وزراء الحكومة الانتقالية سنة 2012 فقد أوفد نصرات للعمل فى سفارة ليبيا بتركيا على درجة ملحق عمالي و قد ارتبط بحسب دبلوماسيين بعلاقة مع السفير الليبي هناك عبدالرزاق مختار عضو جماعة الاخوان المسلمين فى فترة أوج تحالف الجماعتين فى ليبيا داخل الحكومة و المؤتمر الوطني العام لاحقاً .

إنخراط فى العنف

بعد انطلاق عملية فجر ليبيا التي تشير التقارير الاولية أن أحد أبناء خالد نصرات شارك فى القتال رفقة اقارب له من الزاوية و أصيب على إثرها بشظايا فى ظهره إستدعت عودته للعلاج فى بريطانيا ، فيما وجهت الاتهامات للأب بانخراطه فى توريد السلاح الى ليبيا مستغلاً علاقاته الجهادية القديمة و موقعه الجديد فى السفارة .

و هذه ليست المرة الاولى التي يتهم فيها خالد بالانخراط فى انشطة توريد أسلحة الى ليبيا و قيل أن الاسلحة القطرية التي صودرت قبالة سواحل الزاوية فى 4 يوليو 2011 و عرضهتا الحكومة السابقة كان نصرات طرفاً فى صفقتها عبر وسطاء قطريين إلتقاهم فى تونس بصفته مسؤول محلي و “تشريعي ” .

و ما قد يعزز هذا ، هو حديثه بنفسه فى إذاعة الزاوية المحلية بصفته عضواً عنها بالانتقالي ومجلسها المحلي فى معرض دفاعه عن نفسه كونه من الذين تفاوضوا مع النظام السابق سنة 2008 فى إطار المراجعات الفكرية للمتشددين ، بأنه لازال معارض بل أنه أكد قيامه و آخرين بلعب دور فى مساعدة الثوار للحصول على الاسلحة ، و مع تعدد الاطراف الدولية اللاعبة بذلك الوقت يبقى التساؤل لماذا كان هذا الطرف ينسق مع قطر بالذات التي كانت و بحسب تقارير الكونغرس تورد السلاح لإطراف مماثلة فى بنغازي ؟

ردود فعل ليبية

و أثارت هذه العينة البسيطة من التحقيقات و المتابعات صدمة للناس فى ليبيا نظراً لتدفق هذا الكم الهائل من المعلومات لأول مرة عن طبيعة قسم كبير من الجالية الليبية فى برمنغهام و لندن و خاصة مانشستر فيما أطلق محللون و وسائل اعلام سهام اللوم على الاباء لتسببهم فى تطرف أبنائهم عبر تنشئتهم على ذات الفكر الذي نشأوا عليه  .

و قال مجدي المجدوب الضابط السابق بالمخابرات الليبية و المقيم فى مانشستر فى حديث لـ بي بي سي أن مجموعة من المتشددين الليبيين يقيمون بمانشستر منذ عقود مؤكداً ان منهم من عاد لطرابلس بعد سنة 2011 ليحكم قبضته على الوزارات و المناصب و قد بدا أن كلام المجدوب صحيحاً مع ثبوت أن نصرات تحول من مطارد الى دبلوماسي فى تركيا بينما كان العبيدي مسؤولاً فى وزارة الداخلية و آخرين سيطروا على المساجد و الاوقاف و المؤسسات المالية و المصرفية الكبرى تاركين أبنائهم خلفهم بدول المهجر تتلاطهم رياح التطرف و أمواج إرهاب الماضي .

ملابسات القبض و الاعتقال

وخلال الساعات الأولى من صباح الاثنين ، قامت الشرطة التي تحقق في هجوم الأسبوع الماضي بتفتيش منزل في مدينة تشيستر، حيث كان زهير نصرات طالباً فى ” والي رانج ” بمانشستر.

و تم إعتقال زهير نصرات، من منزلهم في جورتون، جنوب مانشستر حوالي الساعة السابعة من الأحد و نقل مكبلاً من المنزل ، فيما ألقي القبض أيضاً على أخوين آخرين فى مانشستر والدهم يعمل بقطاع النفط فى الخليج .

وقال الجيران ان هذا حدث بعد حوالى نصف ساعة من تفجيز الشرطة لباب المنزل و اخراج إمرأة و وطفلين بعيداً دون اعتقالهم. وقال جيران آخرين ملاصقين لمنزل نصرات إن العبيدي كان يقضي الكثير من الوقت فى منزل هذه العائلة .

وأظهرت صور و مقاطع افرجت عنها الشرطة البريطانية الاثنين إنتحاري مانشستر سلمان العبيدي و هو يشتري وجبة خفيفة قبل ساعات قليلة جداً من تنفيذ هجومه .

وقد أُفرج عن المقاطع و الصور التي التقطت يوم الاثنين الماضى ( يوم العملية )  فى متجر سبار بالقرب من شقة إستأجرها العبيدي أيضاً قبل ساعات من الهجوم.

و أظهرت اللقطات العبيدي و هو يتجول في الممرات و ينظر إلى البضاعة ويختار بعض من السلع قبل الخروج مشياً  مع حقيبة كبيرة زرقاء أثارت شكوك الشرطة أكثر و أكثر كونها كانت قبل ساعات من العملية  .

وتقول الشرطة البريطانية انها تعمل على مدار الساعة منذ ان قتل سلمات 15 شخصا منهم 7 اطفال فى اسوأ عمل إرهابي يضرب بريطانيا منذ 12 عاماً .

وقالت قناة بي بي سي الناطقة بالانجليزية فى تقرير تابعته و ترجمته المرصد بعد نشرها الفيديو مساء اليوم، أن الشرطة فحصت اللقطات و لكن ليس من الواضح بعد ما الذي قام بشراءه من ذلك المحل.

و بدأت أجهزة الاستخبارات البريطانية تحقيقا في كيفية التعامل مع التحذيرات السابقة من تورط العبيدي فى اعتناق فكر راديكالي متطرف .

و تفحص االشرطة 12،960 ساعة من تسجيلات كامرات المراقبة المثبتة بعشرات المواقع المفتوحة و المغلقة و ذلك في إطار بحثها عن أدلة فيما فتشت 21 عنواناً مشتبهاً به .

وتقول السلطات ان سلمان عاد الى بريطانيا من ليبيا في 18 مايو، وربما استكمل تجميع قنبلة العملية بشقة مستأجرة في وسط مانشستر.

ومع ذلك، لا تزال بريطانيا في حالة تأهب قصوى، حيث يحذر المسؤولون من أن بعض المشتبه فيهم الذين ساعدوا عابدي قد يكونوا لازالوا طلقاء .

و فى إطار إستمرار التغطية الاعلامية و الصحفية لوسائل الاعلام العربية و الدولية و طبعاً البريطانية لحادثة الهجوم الاعنف فى بريطانيا منذ عقد من الزمان فى مانشستر على يد إنتحاري بريطاني ليبي ، خصصت قناة BBC مساحة للبحث وراء منفذ الهجوم و عائلته .

و عرضت القناة الأحد مقابلة مقتضبة مع ضابط سابق بالمخابرات الليبية يقيم بمانشستر و يدعى مجدي المحجوب أكد أن رمضان العبيدي والد الانتحاري سلمان كان معارضاً للنظام السابق و مرتبطاً بالجماعة الليبية المقاتلة .

و قال المجدوب : ” مجموعة كبيرة منهم بل جميعهم قدمو الى بريطانيا التي احتضنتهم و قدمت لهم اللجوء و خاصة هنا فى مانشستر و فى 2011 عادت مجموعة كبيرة منهم الى ليبيا للقتال ضد قوات القذافي ” .

و أكد ضابط المخابرات السابق بأن هذه المجموعة هي من تحكم الآن و تسيطر فى طرابلس ضارباً المثل برمضان العبيدي الذي قال أنه أصبح فى ليبيا مدير إدارة بالأمن المركزي فى طرابلس .

كما عرضت القناة حديثاً لرجل أعمالي ليبي يدعى عادل الغرياني قال أنه يعرف رمضان العبيدي المكنى أبو إسماعيل شخصياً مؤكداً بأن الاخير أحد أتباع المُنظر الجهادي أبوقتادة الفلسطيني الذي سلمته لندن من مانشستر الى عمّان لمحاكمته .

و  قال الغرياني : ” أبوقتادة شخصية راديكالية متطرفة و قد حاورته و تصادمت معه مئات المرات و قد كان رمضان العبيدي دائماً معه ، كانو دائماً سوية ” .

و أبوقتادة هو عمر محمود عثمان من مواليد 1960 في بيت لحم بالضفة الغربية كما يكني نفسه أبو عمر و هو إسلامي أردني من أصل فلسطيني متهم بالإرهاب من قبل عدة بلدان حول العالم كما ورد اسمه ضمن القرار الدولي رقم 1267 الصادر من مجلس الأمن في 1999 بشأن بالأفراد والمؤسسات التي ترتبط بتنظيم القاعدة أو حركة طالبان .

  • المرصد
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق