مقالات

حول قضية الدينار والدولار

حول قضية الدينار والدولار

بقلم: أ.د عطية المهدي الفيتوري

كثيرون هذه الأيام يتكلمون عن ضرورة رفع سعر الدولار ، أى تخفيض قيمة الدينار للوصول الى سعره العادل ، وقد أصبحت قضية الدينار والدولار قضية عامة الكل له رأى فيها .
○ الحقيقة أنه تم فك ارتباط الدينار بالدولار فى مارس 1986 ، وربطه بدلا من ذلك بوحدة حقوق السحب الخاصة ، وهى العملة التى يصدرها صندوق النقد الدولى منذ عام 1970 .
○ تم اول تخفيض فى تاريخ الدينار فى شهر مايو 1986 بمعدل 7.25% . ثم توالت بعد ذلك تخفيضات قيمة الدينار ، وكأن آخر فى شهر يونيو 2003 .
○ فقد الدينار خلال الفترة 1986 – 2003 حوالى 80%من قيمته الاصلية نتيجة التخفيضات المتتالية ، وأخيرا تم فرض رسم على بيع العملة الأجنبية بنسبة 163% من السعر الرسمى ، مما أدى إلى فقدان الدينار أكثر من 90% من قيمته .
○ السؤال الآن هو هل القيمة العادلة للدينار ستكون ثابتة فى المدى المتوسط والطويل ؟ ، الإجابة لا ، لأن القيمة العادلة هى التى يكون عندها ميزان المدفوعات فى حالة توازن ، أى تحديدا لا يوجد عجز . بمعنى أن الطلب على العملة الأجنبية لجميع الأغراض يساوى العرض .
○ إذن يمكن أن تكون القيمة العادلة للدينار خلال المدى القصير والقصير جدا ، وبالتالى سنحتاج إلى تعديل قيمة الدينار مرات اخرى للوصول الى قيمة عادلة جديدة كل 3 أو 4 سنوات .
○ مسلسل تخفيضات قيمة الدينار لن تقف عند حد معين طالما أن سياساتنا الاقتصادية باقية على ما هى عليه ، وسيكون مستقبل الاقتصاد الليبي ومستقبل الدينار مثل الليرة اللبنانية والدينار العراقى والجنيه السودانى ، وليس مثل الدينار الكويتى والريال السعودى والدرهم الإماراتي .
○ إذن كيف الخروج من الوضع المتردى لقيمة الدينار ، والاقتصاد ككل ؟ ، هذا يتطلب تدخل الدولة بشكل مباشر وغير مباشر ، لإعادة هيكلة الاقتصاد ، وليس إلى التخفيضات المتتالية لقيمة العملة .
○ نحتاج إلى خطط هدفها زيادة إنتاج السلع المادية ، التى ينتجها قطاع الصناعات التحويلية ، بالإضافة إلى إنتاج القطاع الزراعى ، واردات هذين القطاعين تشكل الآن مالايقل عن 90% من الطلب المحلى فى السوق ، حيث أن قطاع الصناعات التحويلية هو القطاع القائد فى اغلب البلدان .
○هيكل الاقتصاد الليبي الآن مشوه حيث يساهم قطاع الخدمات بأكثر من 75% من الناتج المحلى الإجمالي غير النفطي، نحتاج إلى تعديل هذه النسبة ، لتكون هذه النسبة قريبة مما هو موجود فى البلدان النامية المتقدمة التى سبقتنا فى مسيرة التنمية .
○ جانب آخر من جوانب إعادة هيكلة الاقتصاد هو زيادة مساهمة القطاع الخاص فى الإنتاج السلعى ، سواء فى قطاع الصناعات التحويلية أو الزراعة ، بدلا من اعتماد الاقتصاد على التوريدات ، وذلك عن طريق الائتمان المصرفى ، والدعم من الحكومة بأشكال الدعم المختلفة ، وحماية الإنتاج الوطنى بوسائل الحماية المعروفة .
○إجراءات إعادة الهيكلة هى التى ستؤدى الى استقرار الاقتصاد ، واستقرار قيمة الدينار الليبي ، لأنها ستؤدى إلى خفض الطلب على الدولار لغرض توريد السلع ، وربما زيادة الصادرات غير النفطية ، اذا تم التركيز على إنتاج السلع ذات الميزة النسبية .
○ لا خيار للاقتصاد الليبي للخروج من هذه الحلقة المفرغة الا باعادة هيكلته عن طريق سياسات استثمارية ومالية ونقدية نتيجتها النهائية استقرار مستوى الاسعار ، واستقرار قيمة الدينار ، وخفض البطالة ، واستمرار عملية التنمية ، وتحقيق مستوى مقبول من العدالة فى توزيع الدخل .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق