مقالات

تحديات الأمن الأقليمي للمنطقة الأوروبية المتوسطية*

بقلم: الدكتور يوسف الفارسي**

بالرغم من المبادرات الأمنية المطروحة على مستوى دول المتوسط سواء على مستوى الخطاب الدبلوماسي وحتى على مستوى الواقع الفعلي لأليات وإستراتيجيات مواجهة ومكافحة التهديدات الأمنية سواء ذات الأبعاد الإقليمية كالإرهاب والهجرة غير الشرعية إلا أن علاقات التعاون مازالت مستبعدة خاصة من ظل أحتمال نشوء مناطق إقليمية على أسس أمنية أي المصلحة الأمنية المشتركة تدفع بالأطراف المتجاورة نحو التعاون والسبب وجود مجموعة من التحديات وبما أن لكل دولة مصالح قومية فمن الصعب جدا الدخول في تجمعات قومية إقليمية أو مبادرات دون وجود أختلافات في ترتيب الأولويات بالرغم من الأشتراك في بعض المصالح وهذا ماتجسد على مستوى الدول الأوروبية فسعي فرنسا لبناء تكتل أوروبي متوسطي يشمل الست( فرنسا – إيطاليا – إسبانيا – البرتغال – اليونان -قبرص) إلى جانب الدول المغاربية الخمسة تعتبر محاولة من جانبها لبناء نفوذ سياسي – أقتصادي قوي داخل الإتحاد الأوروبي بزعامة فرنسا في مواجهة أوروبا الألمانية الأطلنطية فألمانيا بعد توحد شطريها أصبحت قوة ديمغرافية صناعية هائلة في قلب اوروبا وقوة لايستهان بها بواقع 83 مليون الماني ينتجون 21.4% من الناتج القومي الإجمالي للإتحاد الأوروبي لتصبح العاصمة الأقتصادية الأولى للإتحاد الأوروبي متجاوزة فرنسا وهذا مايقلق فرنسا قلقا عميقا ويستدل على التنافس بين فرنسا وألمانيا الخلاف الحاد حول سعر الأورو بين طرف يصر على التدخل للمحافظة على سعر مناسب للأورو في مواجهة الدولا والين ممايتيح زيادة الصادرات الأوروبية إلى السوق العالمية وبين ألمانيا مصرة على أنه لايجوز التدخل في السياسات النقدية للبنك المركزي الأوروبي. إن فكر التنافس الأوروبي بين فرنسا وألمانيا تعرقل التعاون الأمني بين دول الضفتين ( شمال المتوسط وجنوب المتوسط) حيث كثيرا ماتتحفظ برلين على مشروع الاتحاد من أجل المتوسط كألية مقترحة لمواجهة التهديدات الأمنية الجديدة الذي يمثل أزدواجية خطيرة مع مشاريع الأتحاد الاوروبي للشراكة الأورومتوسطية هذا من ناحية وتهديدا لوضع فرنسا بأعتبارها أكبر شريك تجاري مع شمال إفريقيا من ناحية أخرى إذ ترى ألمانيا أنه من الأفضل مواصلة أستيعاب دول وسط وشرق أوروبا التي قبلت بالإصلاحات السياسية والأقتصادية بدلا من تشتيت الجهود والأموال في جنوب المتوسط الذي يرفض الألتزام بالإصلاحات وفقا للمعايير الأوروبية بل إن أطرافا أوروبية أخرى من بينها بريطانيا تشاطر ألمانيا تحفظاتها فدول أوروبا ترحب بالشراكة مع دول الجنوب لكنها لاترى إمكانية الدخول معها في إتحاد على غرار الأتحاد الأوروبي نظرا للهوة الأقتصادية الهائلة بين الشمال والجنوب.

* تم نشره بمركز الدراسات السياسية لشؤون الشرق الأوسط مقره الولايات المتحدة الامريكية.

** متخصص في شؤون الأمن القومي في البحر المتوسط.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق