مقالات

كيف حاول «الإخوان» خطف ليبيا وكيف أنقذها المشير؟؟

بقلم: مهند ملص – سوريا *

تعد ليبيا من أول البلاد العربية التي انطلقت إليها جماعة الإخوان المسلمين بعد فلسطين والسودان في منتصف القرن الماضي، فالتنظيم تمتد جذوره منذ بدايات نشأته الأولى في مصر على يد حسن البنا، عندما عاصره عدد من المهاجرين والطلبة الليبيين بين جنبات الأزهر الشريف وفي أروقته وعلى صفحات الإصدارات الدينية.

ويمكن إرجاع بداية حركة الإخوان المسلمين في ليبيا إلى:

1- عن طريق الطلبة الليبيين الذين كانوا يدرُسون في مصر مهد الدعوة.

2- عن طريق أعضاء هيئة التدريس المصريين من جماعة الإخوان المسلمين، والذين كانوا يدرِّسون في ليبيا

وأن كان لديهم  القليل من القاعدة الشعبية إلا أن نشاطهم السياسي لم يكن ذو فعالية حقيقة مع وصول العقيد معمر القذافي إلى سلطة الحكم  ومع تبنيه نهج قومي عربي اندثر نشاط الأخوان المسلمين نهائيا وتحول الإخوان إلى حزب سري.

عقب ثورة 17 فبراير 2011، بدأ تنظيم الإخوان السرى في الظهور مرة اخرى في العلن مستفيداً من تجارب نُظرائهم بمصر، بعدما شكلوا خلايا في كل من جِربة وبنغازي والقاهرة أثناء ثورة فبراير، ثم دخلوا عبر بوابة المجلس الوطني الانتقالي، وسيطروا على الحكومة، حتى بات مصطفى عبد الجليل يوصف بأنه إخواني صغير، ووفر لهم جناحهم العسكري “الجماعة المقاتلة”، حماية لظهورهم.

مع أنه من المؤكد تماما أن تنظيم الإخوان المسلمين لا يملك أرضية في طرابلس، وهو مكروه من عموم الشعب هناك. ولو أقيمت انتخابات نزيهة فلن يتحصل هذا التنظيم حتى على 2% من الأصوات، وهذا مؤكد.

لكن استطاع هذا التنظيم أن يتمطى داخل طرابلس الليبية التي تحولت إلى قاعدة خلفية لتنظيم الجماعة الضالة، هي ومدينة مصراتة حدث هذا بسبب تحالف بين أرباب المال والسلطة والتنظيم الشرس، وتم تهميش وقمع القوى الوطنية فيهما، على الرغم من رفض الأهالي لهذا التنظيم، لكن البنادق المصوّبة لرؤوسهم تمنعهم من ذلك. ولذا فإن التنظيم ليس مترسخاً آيديولوجياً بين الناس، بل فرض نفسه بقوة السلاح إثر سقوط الدولة الليبية نتيجة الدعم الجنوني القطري

تعمدت هذه الجماعات الإسلامية  إغتيال المئات من ضباط الجيش والأمن السابقين ورجال المخابرات والناشطين السياسيين والحقوقيين والإعلاميين ودعاة الدولة المدنية وبعض شيوخ السلفية ، في إعادة ممنهجة للسيناريو العراقي بعد الإطاحة بنظامه الوطني في 2003

في هذه اللحظة التاريخية التي كانت تمر فيها ليبيا أدرك المشير خليفة حفتر أن الهدف الذي انطلقت منه فرق الاغتيال هو إفراغ الوطن من كفاءاته ، ومن كل من يدافع عن مؤسسات الدولة ، وتحويلها الى إمارة للاسلاميين يسيطر فيها الإخوان على الجانب السياسي بينما يوكل الجانب القتالي لتنظيم أنصار الشريعة التابع لتنظيم القاعدة ،والذي يمثله ما يسمى بمجلس شورى ثوار بنغازي المدعوم مباشرة من جماعة الاخوان الليبية تحت الغطاء القطري التركي وبدعم تسليحي من ميلشيات مصراتة الجهوية ، بينما يتولى الجانب « الشرعي » الصادق الغرياني عضو هيئة علماء المسلمين الذي يتزعمه يوسف القرضاوي والمحسوب على فكر الجماعة المقاتلة بقيادة عبد الحكيم بالحاج

كان على المشير حفتر القائد العسكري المعروف بعقيدته القومية العربية، والذي شارك في عدد من الحروب من بينهما حرب أكتوبر 1973 وحصل بعدها على نجمة العبور، أن يواجه التحديات المفروضة على وطنه وشعبه، وبخاصة المؤامرة الكبرى الهادفة الى تحويل ليبيا الى « بيت مال الإخوان المسلمين »، وأن ينقد ما يمكن إنقاذه، بعد أن تحولت الأراضي الليبية الى ميدان لتدريب الجماعات الإرهابية القادمة من الدول العربية المجاورة ومن دول إسلامية بعيدة على أيدي أمراء الحرب المنحدرين في أغلبهم من كهوف افغانستان ومن معتقلات غوانتانامو، والى منطلق لتصدير الارهاب سواء الى سوريا أو العراق أو الى تونس ومصر، وحتى لبعض الدول الأوروبية، فقرر جمع شمل العسكريين، وانطلق في تشكيل جيش وطني بـ250 فردا لتكون فئة قليلة راهنت على كسر شوكة الفئة الكثيرة

وصباح الجمعة 16 مايو 2014  شنت قوات الجيش الوطني الليبي هجوم على معسكرات للميليشيات في بنغازي، بما في ذلك واحدة تورط افرادها في اغتيال السفير الأمريكي كريستوفر ستيفنز عام 2012، وقد شاركت القوات البرية في الهجوم، مما أسفر عن مقتل 70 شخصا على الأقل، وإصابة 250 آخرين. وتعهد حفتر أن لا يتوقف حتى يتم تطهير بنغازي من المجموعات المسلحة الخارجة عن القانون والمتورطة في الإرهاب وسفك دم الإبرياء

وكانت عملية « الكرامة » قد انطلقت بضربات موجهة الى وحدات من ميليشيا 17 فبراير، و ميليشيا درع ليبيا 1، وأنصار الشريعة، وخاصة في المناطق الجنوبية الغربية من بنغازي كالهواري وسيدي فرج. وتركز القتال على وجه الخصوص في المنطقة الواقعة بين حاجز البوابة الجنوبي الغربي ومصنع الأسمنت؛ وهي منطقة تسيطر عليها مجموعة أنصار الشريعة، وفي اليوم الموالي تحركت قوات درع ليبيا المرتبطة بالإخوان والجماعة المقاتلة بالهجوم على ميناء بنغازي البحري حيث اشتبكت مع القوة الأمنية التابعة للدولة والتي تقوم بحماية الميناء وكذلك اشتبكت مع قوات مشاة البحرية في القاعدة البحرية المجاورة في جليانا في معركة استمرت نحو يومين وانتهت باحتلال الميليشيا للميناء وسقوط قتلى وجرحى.، مادفع بقوات الجيش الى التدخل المباشر مدعوما بالمتطوعين من أبناء القبائل ،

وفي 17 مايو، عقد المشير خليفة حفتر مؤتمرا صحفيا أعلن فيه أن المؤتمر الوطني العام الليبي (الإخواني) المنتهية ولايته آنذاك “غير شرعي ولم يعد يمثل الشعب الليبي”، مؤكدا الكشف على أدلة بأن المؤتمر الوطني العام قد فتح الحدود الليبية لإرهابيين مُعلن عنهم واستدعى العديد من المقاتلين الإسلامويين الدوليين للقدوم إلى ليبيا، وقدم لهم جوازات سفر ليبية. وأوضح أن الهدف الرئيسي من حملته هو “تطهير” ليبيا من المتشددين الإسلاميين، وتحديدا جماعة الإخوان المسلمون “الإرهابية”.

وفي 25 يونيو 2014، انتظمت انتخابات برلمانية في ليبيا، انهزم فيها الاسلاميون، ليعلنوا بعد ذلك الانقلاب على النتائج، ثم ليقوموا بعد 18 يوما بتشكيل « فجر ليبيا » وهو عبارة  تحالف مجموعة ميليشيات إسلامية في ليبيا تضم ميليشيات بينها درع ليبيا الوسطى، غرفة ثوار ليبيا في طرابلس وميليشيات تنحدر أساساً من مناطق مصراته اضافة لميليشيات إخوانية من غريان والزاوية وصبراتة، شنت هجوماً في 13 يوليو  2014 بهدف الاستيلاء على مطار طرابلس العالمي وعدد من المعسكرات في المناطق المجاورة له الذي تقوم قوات تابعة للجيش وبعد خمسة أشهر من انطلاق  عملية «الكرامة» وتحديداً في 21 أكتوبر 2014 أعلن المتحدث باسم مجلس النواب فرج هاشم، تبنّي النواب “عملية الكرامة”، مؤكداً “مشاركة جميع ضباط وجنود الجيش الليبي  في العملية التي قال أنها عملية للجيش الليبي”.

وفي 17 نوفمبر 2016 أكد مجلس النواب الليبي أن الجيش في ليبيا يخوض مع الشعب كتفا بكتف حرباً على الإرهاب والتطرف، وأضاف بيان للمجلس أن عملية الكرامة وقيادتها هي عملية عسكرية شرعية تابعة لرئاسة الأركان والحكومة الليبية بقيادة اللواء خليفة حفتر وأراها تستمد شرعيتها من الشعب الليبي.كما جدد مجلس النواب دعمه للجيش ورئاسة الأركان المنتخبة ضد أي عدوان.

لتبدأ في أبريل عام 2019 صفحة جديدة في تاريخ ليبيا تتمثل في بدء عملية تحرير طرابلس ليعلن بعدها آردوغان دعم حكومة طرابلس بشكل مباشر ليحافظ على حلم سيطرة الإخوان على المنطقة ولكن هيهات.

بعد كل هذا السرد لك عزيزي القارئ العربي والليبي ان تتخيل المشهد في ليبيا اليوم لولا تدخل المشير حفتر في اللحظة المناسبة لكانت ليبيا اليوم عبارة عن شبه دولة يحكمها مجموعة من الإسلاميين لا يملكون سوى مشروع الدم ولكانت ليبيا مجمع كبير للإرهاب العالمي.

من هنا لابد أن نقف دائما مع الجيش الليبي والجيش السوري وكل جيش مقاوم للمشروع الإخواني  حتى نستطيع العودة لنكون دول قوية مستقرة تنعم في الرخاء والأمان.

* صحفي وكاتب من سوريا.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق