بين التعديل والانتهاء.. غموض يلف مصير الاتفاق الليبي
بعد مرور سنة كاملة على توقيع اتفاقية “الصخيرات” في المغرب يوم 17 من كانون الأول/ ديسمبر سنة 2015، لا زال شبح الأزمة يخيم على المشهد الليبي،في ظل الانقسامات بين الفرقاء وتصاعد نفوذ الميليشيات المسلحة،وأزمة إقتصادية خانقة، بالإضافة إلى فشل سياسة التوافق.
وتعيش ليبيا على وقع انقسام كبير وصراع مستمر ،أدى الى تدهور مستمر للاقتصاد،وزاد في حالة التخبط العامة في البلاد.وفشلت حكومة فايز السراج التي وصلت للسلطة خلال شهر حزيران/ يونيو سنة 2014، في أن تحقق الاستقرار على الصعيدين الأمني والاقتصادي،على الرغم من اعتراف المجتمع الدولي بشرعيتها والدعم الدولي الكبير الذي عولت عليه.وفي تصريحات صحفية نهاية الشهر الماضي، أقر السراج أن الوضع في ليبيا أسوأ مما كان عليه قبل 30 مارس الماضي، تاريخ وصول حكومته إلى طرابلس.
ويبدو أن الدعم الدولي الواسع لحكومة الوفاق الوطني المقترحة لن يشفع لها في داخل ليبيا؛ حيث يعتبر مراقبون أن هذا الدعم كان سببا في فشل حكومة السراج.إضافة إلى الصراعات الداخلي في السلطة ، حيث حدثت خلافات بين السراج ومحافظ مصرف ليبيا المركزي الرافض صرف السيولة المطلوبة لحكومته.ما دعا وزير الخارجية الأمريكي جون كيري لتنظيم لقاء بين الرجلين في محاولة لرأب الصدع.كما ظهرت خلافات بين السراج ووزير دفاعه البرغثي، بسبب محاولات الأخير استرجاع منطقة الهلال النفطي من سيطرة الجيش الليبي.
وفي هذا السياق،قال عضو مجلس النواب مبروك الخطابي في تصريح لـ”قناة ليبيا” الإخبارية إن حالة الفشل التي يواجهها الآن المجلس الرئاسي تعود إلى عدة أسباب، والتي من أهمها ضعف الأداء داخل المجلس الرئاسي والتخبطات الحاصلة بداخله وعدم انسجام أعضائه.مؤكدا أن محاولة الرئاسي اللجوء للدعم الدولي بدلا من الدعم الداخلي كان خطوة احتسبت ضده ،على حدّ قوله.
يأتي ذلك،في وقت تصاعد فيه نجم القائد العام للقوات المسلحة الليبية،المشير خليفة حفتر،على ضوء الإنتصارات التي حققها الجيش الوطني الليبي في محاربة الإرهاب في الشرق الليبي،وهو ما يجعله رقما صعبا في المعادلة الليبية.وفي هذا الإطار،اعتبر عضو الحوار السياسي توفيق الشهيبي ، في تصريحات تلفزية ،أن القيادة العامة للجيش الليبي ، أصبحت أكبر لاعب موجود على الأرض حسب قوله ، وأضاف الشهيبي أن أمام الاتفاق السياسي حلّين ، إما إجراء تعديلات وتغييرات سياسية تضمن توسيع المشاركة في الاتفاق السياسي وحل مشكلة القائد العام للجيش ، أو حل الاتفاق السياسي.
وتصر بعض الأطراف الليبية على انتهاء مدة المجلس الرئاسي الليبي منذ 17 ديسمبر الماضي، في حين تؤكد أطراف أخرى أن شرعية المجلس لن تنتهي بحلول ذلك التاريخ ، وهو الأمر الذي من شأنه تعقيد الأزمة أكثر ومؤخرا قال المبعوث الأممي إلى ليبيا مارتن كوبلر: إن “شكل المجلس الرئاسي ومسألة العودة إلى المسودة الرابعة من اتفاق الصخيرات كلها قرارات تعود إلى الليبيين أنفسهم”. وأضاف أن “هناك آلية للتعديل داخل الاتفاق، لكن كل هذا بعد تضمين الاتفاق في الإعلان الدستوري أولاً”.
يأتي هذا في ظل فشل مجلس النواب الليبي في عقد جلسة رسمية للتصويت على تضمين الاتفاق السياسي للإعلان الدستوري كما تنص وثيقة الاتفاق الموقعة في الصخيرات، وذلك لمطالبة نواب إجراء تعديلات عليها، ومنها حذف المادة الثامنة محل الجدل، والتي تحيل جميع الصلاحيات السيادية مثل تعيين القائد الأعلى للجيش، إلى المجلس الرئاسي بدل مجلس النواب وإعتبر عدة مراقبين المادة الثامنة السبب الرئيسي في عرقلة اعتماد البرلمان في طبرق لحكومة الوفاق.
وبين التعديل والالغاء،لا يزال الغموض يلف مصير الاتفاق السياسي الأممي الذي لم تلتزم به الأطراف الرئيسية في البلاد.ففي حين كشف رئيس البرلمان عقيلة صالح في تصريح صحفي لصحيفة “الحياة” في موسكو ،أن البرلمان يعتزم الإعلان عن خريطة طريق سياسية جديدة بديلة عن حكومة الوفاق في البلاد بعدما فشلت في الحصول على توافق بشأنها،اعتبرت الأمم المتحدة في تصريحات على لسان مبعوثها لدى ليبيا مارتن كوبلر، أن عمر حكومة الوفاق المنصوص عليه في الاتفاق السياسي هو عام من تاريخ اعتماد مجلس النواب للاتفاق السياسي وهو ما لم يحدث بعد.
وفي ظل هذا التباين في المواقف، يرى البعض أن تعديل الاتفاق السياسي هو الحل الأنسب لجميع الأطراف.وفي هذا الاطار،قال عضو مجلس النواب عبد السلام نصية في تصريحات لـ”قناة ليبيا” الإخبارية إن الحل لما وصل إليه الاتفاق السياسي هو إعلان القاهرة.مؤكدا أن إعلان القاهرة جيد باعتباره المخرج الوحيد لإنهاء هذا الاتفاق و تقديم حل ليبي لكل هذه الأطراف الليبية و منع التدخل سواء كان إقليميا أو عربيا أو دوليا حسب قوله.
وفي السياق ذاته، أكد المبعوث الأممي إلى ليبيا مارتن كوبلر،في تصريحات صحفية، أن اتفاق الصخيرات سيظل هو المرجعية الوحيدة، وأن أي حديث عن إلغاء الاتفاق ليس صحيحًا”. وأشار إلى أن “كل الأطراف الليبية تدرك أهمية هذا الطرح، وأبدت استعداداتها لقبول التعديلات حفاظًا على ما تم إنجازه”. ووصف كوبلر، مضمون بيان القاهرة “بالجيد”.
وكانت شخصيات ليبية اجتمعت في القاهرة مؤخراً وضعت خارطة طريق لتحقيق التوافق في ليبيا خلال المرحلة القادمة.وقالت الخارجية المصرية إنه وبعد نقاش مستفيض من المجتمعين على مدى يومين كاملين وبرعاية وحضور الفريق محمود حجازي رئيس أركان الجيش المصري وسامح شكري وزير الخارجية اتفق الحاضرون على أن الاتفاق السياسي الذي تم برعاية الأمم المتحدة وفريقها للدعم في ليبيا يصلح لحل الأزمة الليبية إذا ما تم إدخال بعض التعديلات على ما تضمنه من أحكام وملاحق ليكون من شأنه إنهاء حالة الانقسام التي تعيشها البلاد منذ العام 2014، ويضع حداً للأوضاع المتدهورة على كافة الأصعدة السياسية والأمنية والاقتصادية والإنسانية التي تتخبط فيها البلاد وتطحن مواطنيها وتزيد في معاناتهم.