ثقافة وفنون

أيام والارواح خوات …!!؟ – بقلم الكاتب جمعة الفاخري

#أيَّامْ_والأرواح_خَوَاتْ…!!؟

ربَّاهُ؛ هذه الغناوة المُدْهِشَةٌ تنزفُ أسفًا.. ألمًا .. حسرةً ..”

أيَّامْ والأرواح خواتْ … يمرض عزيز نوعى نجضَّلَهْ ..

ثمَّةَ حُبٌّ وثيقٌ تصرَّمَ .. ثمَّةَ مَحبَّةٌ وارفةٌ تفتَّت .. وصداقَةٌ مثلى تلاشَتْ .. وأرواحٌ كانَتْ تتآخى تفرَّقَتْ .. وأيَّامٌ مليئةٌ بالودادِ الخالصِ النَّقِيِّ ذهبَتْ أدراجَ النسيان ..!!

كانتِ الأرواحُ المتحابَّةُ المستظلِّةُ بالحبِّ متماهِيَةً متآخيةً .. إنها توءَمةٌ مدهشةُ للأرواحِ؛ حتَّى أنها تتماسُّ عاطفيًّا وشعوريًّا، تتماهى في الفرحِ والمرضِ، تتخاصَرُ في حالي الفرحِ والحزنِ.. وتتآسى في الألمِ والأملِ..

يمرض عزيز: يداهمه المرض، العزيز: حبيبٌ أو صديقٌ، أو أخٌ، أو قريبٌ .. وكلُّ قريبٍ منَ الرُّوحِ قريبٌ.. حتَّى لو كانَ القربُ المقترحُ يجمعُ غريبينِ ليغدوا قريبينِ، إِنَّهُ قُرْبُ الأرواحِ المُتَوَاشِجَةِ، كما يتفضَّلُ مشكورًا امرؤ القيس:
أجارتَنا إِنَّا غريبانِ هاهنا وكلُّ غريبٍ للغريبِ نَسِيبُ
وربما اقترحَ هذا القربَ أيضًا صخرُ بنِ عمرٍو السَّلَمِيُّ أو ربمَّا نبَّهنا مجنونُ ليلى لهذا القربِ الرُّوحيِّ، اللَّحْظِيِّ، المغفولِ عنه.

فما الذي حدث ضبطًا ..؟
تشظَّتْ تلكمُ الأخوَّةُ .. انفصَمَتْ تلكَ العلائقيَّةُ الرُّوحيَّةُ المُذْهِلَةُ.. تفكَّكَتْ أَوَاصِرُ الحُبِّ .. ومضى ذلكَ التَّعَالُقُ الوَطِيدُ إلى العدمِ المُخِيفِ .. إلى اللاشيء .. !!

نوعى: أصحو ..
نجضَّله : أضج له .. أي أصدر ضجيجًا بدلاً منه، وهو الأنين..
وعلى هذا؛ فـ (نوعى نجضَّله): أصحو لأئنَّ نيابةً عنه .. إِنَّهَا نيابَةُ تحمُّل الألمِ، التُّطوُّعُ لاحتمالِ عَذَابَاتِ الوَجَعِ بَدَلاً منَ الحبيبِ، إيثارٌ روحيٌّ عاطفيٌّ، إنكار للذاتِ، تبرُّعٌ لأخِ الرُّوحِ بكلِّ شيءٍ، حتَّى الجَسَدَ الذي يمكنَهُ أن يألمَ بدلاً منه. الألم يغرس سكاكينه في جسدٍ، والأنين تصدره روحٌ في جسدٍ آخر، لا ، لا .. عذرًا إنَّ الروحينِ في جسدٍ واحدٍ.. روحين يُوحِّدُهُمَا الحُبُّ الوثيقٌ، تجمعُهُمَا الأخوَّةُ المتينة،
يتبادلانِ حملَ الألمِ، والحزنِ والأنينِ الآهاتِ..
صورةٌ مثلى للتَّمَاهِي، لانصهارِ الأرواحِ، لذوبانِها في كيانٍ واحدٍ، يوحِّده الحبُّ الألمُ..!
فما الذي حدث .. !؟
لقد انفصَلَتِ الأرواحُ المتجاذبَةُ، المُتَحَابَّةُ، حَدَّ الالتصاقِ، حدَّ الانطباقِ، حَدَّ التَّعَاشُقِ، تباعدَتْ بواسطةِ عمليَّةٍ جراحيَّةٍ فظيعةٍ لم تُستخدَمْ فيها مَشَارِطُ الجَرَّاحينِ قطُّ، إِنَّهُ فعلُ الزَّمَنِ بِمشارطِهِ الحادَّةِ: مشرطِ الفراقِ القاسي، التَّفَرُّق، الغياب، المساوئ، و .. و.. و.. و.. و…

أيعقلُ هذا !؟؟

أجل، هذا يعقلُ تمامًا، استمع معي إلى تقريرِ أحدِ المفصولينِ، أو المفصولينَ عاطفيًّا، روحيًّا عن توءمِه:

صدَّقه أرجوك .. صدِّقيهِ رجاءً ..
وأرسلْهَا، أرسلِيهَا، لكلِّ توءمٍ يشعرُ بجراحةٍ فظيعةٍ حدثت له، لم يستخدمُ فيها مشرطٌ محسوسٌ، ولا تخديرٌ .. غيرُ هَولِ الصَّدْمَةِ .. غير صَدمةِ الانقسامِ، غيرُ ضجيجِ الرُّوحِ المُرْعِبِ أنينًا بعدهُ.. بعدهما أقصدُ.!!؟

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق