
أكذوبة الصراع الدولي
بقلم : أحمد الحسين التهامي
(1)
ثمت منطق خائب راج مؤخرا؛ وفي تقديري أن سبب رواجه قدرته الفعالة على تخفيف ثقل الإحساس بالذنب الذي يلاحق –بطبيعة الحال- كل مواطن ليبي جراء مافعلناه بليبيانا هذه ( ليبيانا الوطن وليست ليبيانا الشركة رديئة الخدمة )!! وثمت ايضا امر اخر سرع من انتشارالمنطق الخائب هو المحاولة البائسة لاستعادة الصورة الكلاسيكية لليبيين عن انفسهم : انهم اناس ابرياء وسذج وطيبون وليسوا عدائيين !! الخ تلك المقولات التي اثبت الزمن انها مصابة بآفات تقدير الذات على حساب الوقائع الحية !!…هذا المنطق الخائب الخائر يقول ملخصه أن هناك صراعا فرنسيا – ايطاليا في ليبيا او أن المشكلة الليبية / الأزمة الليبية أو بمصطلحاتي الحرب الأهلية الليبية ليست إلا نتاج لهذا الصراع !! ولسوف احاول دحض هذا التفكير الكسول والعبثي الذي يتسلى به الليبيون على صفحاتهم الفيسية فلا يعود امهم والحال هذه إلا خيار وحيد : مواجهة الوقائع كما هي !!.. ثمت حرب أهلية ليبية لأسباب ليبية !!.
(2)
ثمت حقيقة قائمة على مسرح السياسة العالمية لم ينتبه لها الليبيون كالعادة ؛ مفادها أن العالم بعد يوم 8/8/2008 م لم يعد كما كان قبل ذلك اليوم !!..ففي هذا اليوم بالذات خطت الجيوش الروسية خارج اراضيها لأول مرة منذ العام 1991م؛ وعنى هذا الخروج ان ماسمي انذاك بالنظام العالمي الجديد قد انتهت فصوله ولم يعد قائما وأننا نمر بفترة انقلاب عميق وطويل نسبيا من ناحية الزمن!! وعنى ايضا أن روسيا كانت واثقة انه لن يكون هناك أي رد امريكي على خطوتها تلك!! وتبرير ذلك أن الازمة العالمية المالية التي شهدها العالم الغربي في ذلك العام كانت من القسوة والشمول بحيث تركت اثارا قائمة حتى يوم الناس هذا!! ووسط كل الخراب الذي خلفته الازمة المالية واجهت الدول الأوربية على اختلاف اقتصادياتها وأنظمتها واقعا ماليا صعبا خاصة تلك الدول التي كانت تعتاش من الدعم والعون الأمريكي لها وعلى بيع بعض ماتنتجه من تقنية الى دول تملك سيولة مالية عالية ولا تملك عقولا تدير هذه السيولة!! والمثال العالمي الشهير لهذه السيولة دون عقل هو دول الخليج العربي!! والتي كانت في العام 1949 تعتبر امتدادا لنيابة الملك الإنجليزي ومستعمرته في الهند!! وايطاليا بالذات عاشت لعقود على المعونة الأمريكية المباشرة لها وغير المباشرة وأيضا عاشت في نفس الوقت ولا تزال حتى اليوم تعيش حالا من الاضطراب السياسي الدائم وعجزا عن انتاج حكومة تدوم لأربع سنوات تامة!! فكيف لدولة ليس فيها امكانية تشكيل حكومة تدوم لأكثر من ستة شهور ان يكون لها ارادة او قرار او ان تكون جزء من صراع دولي؛ إن مانراه من خفق المسئولين الايطاليين ورواحهم ومجيئهم في ليبيا ليس اكثر من حالة استجداء ايطالية تسلكها الحكومات العمياء المتتالية فيها بشعارات براقة للحصول على اموال قطرية!! لا اكثر ولا أقل وطالما ان الامر لايكلف الا هذا الرواح والمجئ فمابالهم لا يفعلون!!.. اذن فمقولة الصراع الدولي هنا ليست الا محاولة ليبية للتنفيس عن الذات والهروب من الوقائع على الأرض!!..