مقالات

يوميات فضيل المحجور

يوميات فضيل المحجور 9

بقلم: د. ناجي الحربي

ليلةالبارحة وعلى أثر الحجر الصحي لم ينم فضيل.. لعل البقاء في البيت لساعات طويلة قد جر له الملل حتى هجره النوم.. فضيل لدية مكتبة فنية ضخمة من أشرطة الكاسيت والأقراص المضغوطة.. نفض عنها الغبار في محاولة لملء الفراغ الذي يعانيه ولكي يشغل نفسه أراد تصنيفها وإعادة ترتيبها.. وقعت يده على مجموعة رحلة نغم.. منذ زمن لم يستمع لها.. كان يحفظ أشعارها الذي صاغها وجمعها الشاعر الغنائي فضل المبروك.. ولحنها الموسيقار العظيم الراحل محمد حسن.. كانت وجبة دسمة من الشعر الشعبي القديم ومن الفلكلور الليبي البديع..
هايم يا بلادي.. وبيك غناي.. هايم يا بلادي..
فضيل جلس على الأرض في حجرته بعيدا عن صخب الأولاد وتسويف زوجه أو زوجته.. واستمع لرحلة نغم من البداية إلى النهاية.. حوالي خمس ساعات دون انقطاع.. زار فيها مدائن بلاده التي لم يرها منذ زمن.. حتى القريبة من مدينته التي لم يستطع زيارتها رآها كيئبة بائسة نتيجة للحظر وللحرب وللفقر الزاخف نحوها بشراسة .. واستمع لفنانين رحلوا وآخرين فضلوا الاعتزال.. كانت مائدة لم يشعر خلالها بالملل ولم يكف بكاؤه على ضياع بلاده .. تذكر الموسيقار محمد حسن والفنان محمد السليني والفنان أشرف محفوظ والفنان سالم بن زابيه.. وغيرهم من الأصوات التي لن تتكرر..
تجول في ربوع وطنه وسالت دموعه لتشظيه وتباعد أولاده عن بعضهم البعض.. وقال بصوت تخنقه الغبرات: وطن يزخر بخيرات وفيرة.. وطن يترابط أهله بوشائج اجتماعية مقدسة.. وطن يتسع للجميع.. ويتداعى سكانه إذا ما مرض منه ركن.. يا ترى ماذا حل به ؟!!
فضيل ترك كل شيء مبعثرا أمامه و بصوت أفزع كل من في البيت صرخ : ماذا أصاب أبناء وطني؟!!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق